لم تجد الخارجية الأمريكية في تقريرها الأخير بدا من الاعتراف بالدور الكبير الذي يقوم به المغرب في مكافحة الإرهاب الدولي، معتبره إياه شريكا استراتيجيا من خارج حلف الناتو، وخصوصا في مكافحة الظاهرة المتطرفة بالصحراء والساحل، والاعتراف بدور المغرب في هذا المضمار هو نوع من الإنصاف لأن الواقع العملي يوحي بأن المغرب اكتسب قدرات كبيرة في التصدي الاستيباقي للتكفيريين، وتفكيك الخلايا قبل المرور إلى التنفيذ، مع توسيع الدائرة القانونية للمواجهة.
الولايات المتحدة الأمريكية تقود التحالف الدولي ضد الإرهاب ولهذا يبقى لشهادة قيمة دولية، وهي تتويج لكثير من الوقائع، حيث سبق لعبد اللطيف حموشي، المدير العام لمراقبة التراب الوطني (أكبر جهاز أمني يتصدى للإرهاب)، أن استقبل في مقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وزير الخارجية الأمريكي جورج بومبيو، وللاجتماع رمزية كبيرة لأنه تم بمقر الجهاز الضارب بقوة ضد الإرهاب.
وكانت الأجهزة الأمنية المغربية تمكنت من اكتشاف مخطط إرهابي كان جنديا أمريكيا عاملا بالشرق الأوسط ينوي القيام به، ولو وقع المخطط لكان جريمة دموية خطيرة باختياره ساعة يكون فيها الجنود مجتمعون، لكن يقظة الأجهزة الأمنية المغربية مكنت من التقاط إشارات تخصه وتم إخبار الأجهزة الأمنية الأمريكية المماثلة مما مكّن من تحييد هذا الأخير، وبعثت المخابرات الأمريكية رسالة شكر وتهنئة إلى عبد اللطيف حموشي على المجهودات، التي تبذلها الأجهزة الأمنية المغربية في مكافحة الإرهاب.
دون أن ننسى أن المغرب يترأس بشراكة مع هولندا المنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب والتطرف، ولم ينل هذه الصفة ويحظى بهذا الاختيار إلا لأنه استطاع تأكيد وجوده في الحرب المتواصلة على الظاهرة، وذلك وطنيا وإقليميا ودوليا.
والمغرب شريك في مكافحة الإرهاب مع كثير من الدول الأوروبية، وبعض الدول التي اختارت إغلاق أبوابها في وجه التعاون الأمني البيني أدت الضريبة غاليا، لأن المغرب استطاع تزويد عدد من الدول، وعلى رأسها فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، بمعلومات أمنية دقيقة جنبتها حمّامات دم إرهابية كانت على وشك أن تهزها هزّا، واعترفت بذلك دول كثيرة، وهنأت المغرب ووشحت المسؤولين الأمنيين وعلى رأسهم حموشي، الذي وحشته فرنسا بأعلى وسام في البلد.
وتعامل المغرب مع قضايا الإرهاب بكثير من الحزم مع كثير من احترام القوانين الجاري بها العمل، حيث اختلف عن بعض الدول بما فيها تلك العريقة في الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث استطاع المزاوجة بين حماية الأمن وحماية الحقوق والحريات وضمان حق المتهمين بالإرهاب، إذ لم يتم تسجيل اعتقال حالة واحدة خارج القانون، ولهذا جاء قانون مكافحة الإرهاب والتعديلات التي أُدخلت عليه بعد التحولات التي طرأت على الظاهرة الإرهابية، بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي.
ولهذا الاعتراف الأمريكي جاء من باب إنصاف دولة لها أجهزة أمنية قوية في مستوى التحديات ليس فقط لحماية أمن البلد ولكن للمساهمة في الأمن الدولي.