شدد محمد التامك مندوب المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الادماج، على الدور الهام لفعاليات المجتمع المدني في المساهمة في تأهيل نزلاء المؤسسات السجنية خلال فترة الاعتقال وبعد الإفراج ، موضحا أهميتها البالغة في تجسير الهوة بين السجين ومجتمعه، معتبرا أنه الدور الذي كرسه دستور المملكة في الفصل الثاني عشر منه.
واعتبر التامك، خلال افتتاح الجامعة الخريفية بالسجن المحلي سلا، صباح أمس، أن المبادرة تأتي في إطار انفتاح المندوبية العامة على العالم الخارجي وخصوصا جمعيات المجتمع المدني والهيئات المهتمة بأوضاع السجناء عموما، المحددة في ى180 جمعية تشارك بصفتها شريكا أساسيا في تفعيل وتقييم مختلف البرامج والمشاريع التأهيلية والإدماجية المعدة لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية.
وأشار التامك،الى أن المشرع نص في المادة 84 من القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية على أنه “يمكن أن يقوم بزيارة المعتقلين بترخيص من مدير إدارة السجون (المندوب العام حاليا) أعضاء المنظمات الحقوقية والجمعيات أو أعضاء الهيئات الدينية الذين تهدف زيارتهم إلى تقوية وتطوير المساعدة التربوية المقدمة لفائدة المعتقلين وتقديم الدعم الروحي والمعنوي والمادي لهم ولعائلاتهم عند الاقتضاء والمساهمة في إعادة إدماج من سيفرج عنهم” وعلى أنه “يمكن أن يمنح لكل شخص أو عضو في جمعية مهتمة بدراسة خطط ومناهج إعادة التربية رخص خاصة واستثنائية لزيارة المؤسسات السجنية”، وعملا بهذا المقتضى، ووعيا بأهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في تنزيل مختلف البرامج التأهيلية، قامت المندوبية العامة بتفويض منح الترخيص للجمعيات الجادة النشيطة في المجالات المرتبطة بالتأهيل لإعادة الإدماج لمديري المؤسسات السجنية، وذلك في انسجام مع سياسة اللاتمركز التي تسنها. لكن يلاحظ في الميدان حضور ضعيف كما وكيفا لجمعيات متخصصة تعنى بقضايا السجين وأسرته على المستوى الثقافي والتعليمي والصحي، وهذا الوضع يبقى بطبيعة الحال دون تطلعاتنا جميعا بالنظر لما يقتضيه تأهيل المعتقلين من مجهودات نوعية ومسؤولية مشتركة. وقد يعزى ذلك إلى كون المشاريع التي تتقدم بها بعض الجمعيات والمنظمات يعوزها التمويل اللازم لتنزيل برامجها، أو لكونها تخالف الشروط والكيفيات التي حددها القانون المنظم للسجون والمرسوم المطبق له والقوانين الاخرى الجاري بها العمل، أو لأنها مشاريع لا تتماشى واستراتيجية المندوبية العامة التي تنهجها في مجال تأهيل السجناء لإعادة إدماجهم.
و أشار إلى أن الجلسة الثانية من برنامج الجامعة الخريفية لهاته السنة تتطرق إلى “دور الدعم العمومي في تكريس انخراط مستدام لجمعيات المجتمع المدني”، وذلك من منطلق ضرورة تحفيز ودعم الجمعيات للتخصص في المجال السجني وتحسين الأدوار الحيوية التي تضطلع بها، كما أنه من شأن الدعم الممنوح للجمعيات من طرف مختلف الفاعلين الحكوميين في إطار برامج التمويل العمومي ومن طرف المجالس المنتخبة وكذا في إطار الدعم الذي تستفيد منه من طرف مختلف الهيئات الأخرى أن يمكنها من تنفيذ برامج عمل سنوية لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية، وذلك وفق ما تقتضيه التشريعات والأنظمة ذات الصلة.
واعتبر التامك، أن نجاح المقاربة أكثر من تجربة الجمعيات الشريكة مع الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية والتي انخرطت في إطار برامج سنوية وأخرى متعددة السنوات لتنفيذ ودعم استراتيجية المندوبية العامة في محاربة آفة الأمية في صفوف فئة من النزلاء، وذلك وفقا للإجراءات المسطرية المعمول بها في هذا المجال والمتمثلة أساسا في إعلان المشاريع وانتقاء الجمعيات المتخصصة والمؤهلة لتنفيذ مثل هذه البرامج. وقد أثمرت هذه التجربة نتائج طيبة وملموسة في هذا المجال، أما الجلسة الثالثة ضمن هاته الدورة فقد اختير لها موضوع “جمعيات المجتمع المدني بين التأطير القانوني وخصوصية الفضاء السجني”، موضحا سعي المشرع إلى تمكين الجمعيات من الولوج إلى المؤسسات السجنية للمساهمة في الجهود المبذولة لتطوير البرامج الإصلاحية، لكنه اشترط بالمقابل ضرورة الترخيص من طرف المندوب العام، وذلك من أجل التحقق من كون المشاريع المراد تنفيذها في هذا المجال تندرج ضمن محاور تروم المساهمة في العملية التأهيلية والتربوية التي تستهدف السجناء وفي كل ما يرتبط بالدعم الروحي والمعنوي والمادي لهم ولأسرهم. ولتحقيق هذه الغايات، ينبغي إعادة صياغة الأنظمة الأساسية للجمعيات المعنية وإعادة هيكلتها بما يعزز قدراتها في مجالات تدخل محددة ومختصة، وذلك في إطار ما تقتضيه خصوصية الفضاء السجني وقاطنيه والضوابط الأمنية التي تحكم سيره والتي تستمد مرجعيتها من النصوص القانونية والتشريعية.