يُعد العربي بن مبارك واحدًا من أبرز نجوم كرة القدم العربية والإفريقية في القرن العشرين، ويمثل رمزًا للمواهب الكروية التي سبقت عصرها. وُلد في 16 يونيو 1914 بمدينة الدار البيضاء، وترعرع في أحياء المغرب الشعبية، حيث ظهرت موهبته الفريدة في مداعبة الكرة منذ الصغر.
بدأ مسيرته الاحترافية في صفوف نادي الاتحاد البيضاوي قبل أن ينتقل إلى نادي الوداد الرياضي، لكنه سرعان ما لفت الأنظار إلى موهبته، مما جعله محط اهتمام الأندية الأوروبية. في عام 1938، شد الرحال إلى فرنسا للانضمام إلى نادي مرسيليا، حيث تألق بسرعة وأبهر الجماهير الفرنسية بمهاراته الاستثنائية ولمساته الفنية الرائعة.
لم تمنعه الحرب العالمية الثانية من مواصلة مسيرته، حيث لعب لفريق الملعب الفرنسي (Stade Français)، وكان أحد أبرز اللاعبين في الدوري الفرنسي. بعد انتهاء الحرب، واصل مشواره الاحترافي، ليحظى بفرصة اللعب في أحد أكبر الأندية الإسبانية، أتلتيكو مدريد، حيث أصبح نجمًا لامعًا وساهم بشكل كبير في تتويج الفريق بلقب الدوري الإسباني موسم 1950-1951.
لقّبته الصحافة الفرنسية والإسبانية بالجوهرة السوداء، نظرًا لمهاراته الفريدة وأسلوبه الساحر في المراوغة وصناعة الأهداف، وهو اللقب الذي ارتبط لاحقًا بالأسطورة البرازيلية بيليه. لم يكن بن مبارك مجرد لاعب استثنائي في الميدان، بل كان أيضًا أول لاعب عربي يحظى بشهرة عالمية، وفتح الأبواب أمام المواهب المغربية والعربية للاحتراف في أوروبا.
على المستوى الدولي، مثّل العربي بن مبارك المنتخب الفرنسي في عدة مباريات، حيث كان بإمكانه اللعب لفرنسا وفقًا لقوانين ذلك الوقت. ومع ذلك، ظل ارتباطه ببلده الأم قويًا، وكان أحد أبرز الأسماء التي ألهمت الأجيال القادمة من اللاعبين المغاربة.
بعد اعتزاله، لم يحظَ بن مبارك بالتقدير الذي يليق بمسيرته العظيمة، وظل بعيدًا عن الأضواء حتى وافته المنية في 16 شتنبر 1992 بمدينة الدار البيضاء، تاركًا خلفه إرثًا كرويًا خالدًا وذكريات لا تُنسى في تاريخ كرة القدم.
العربي بن مبارك، بموهبته الفريدة وإنجازاته الكبيرة، سيبقى دائمًا أحد أعظم اللاعبين الذين أنجبتهم الكرة العربية، وأيقونة كروية خالدة جسّدت الفن والإبداع داخل المستطيل الأخضر.