إدريس عدار
عندما أطلق عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المعين، مشاورات تشكيل الحكومة، كتبت “المعارضة موقف وموقع سياسي وليست ما فضُل عن الأغلبية”، وقام أحد الأصدقاء بكتابتها باللغة المغربية وكانت بليغة بشكل كبير “قال ليكم القايد..اللي شاط يدير موعارضة”. وكي أكون منصفا فهناك من اختار المعارضة من البداية. التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية واليسار. لكن هناك من طُرد إليها. وهناك من لم يفصح أصلا. من جمجم ومن غمغم فلا حرج عليه، لكن من أبدى رغبة في المشاركة في الحكومة وفي الأخير جاءه الخبر اليقين أنه لا مكان لك فيها تم اختار المعارضة فهو مطرود إليها.
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خرج إلى المعارضة حسب منطوق بيان مكتبه السياسي، الذي نال تفويض المجلس الوطني. لكن الحقيقة غير ذلك. الحزب طًرد إلى المعارضة ولم يخترها. البيان الصادر عن المجلس الوطني قال إن موقع الاتحاد الاشتراكي هو أن يكون ضمن الفريق الحكومي لمواكبة تنزيل النموذج التنموي. واختار المشاركة في الحكومة إذا تلقى عرضا جيدا من رئيسها.
هذا البيان لم تكن له لازمة أصلا. كان على قيادة الاتحاد أن تنتظر عرض رئيس الحكومة لتعرضه بدورها على المجلس الوطني كي يقرر فيه. لكن أن تعرض على برلمان الحزب قرارا أنت لا تملكه فهذا خطأ تاريخي. اختيار المعارضة لا يحتاج إلى انتظار عرض رئيس الحكومة. حزب يرى أنه في هذه المرحلة لا يمكنه دخول الحكومة لأسباب تتعلق بوضعه الداخلي، أو حزب يرى أن توجهات الحزب القائد للحكومة لا تنسجم مع تطلعاته ويخرج للمعارضة، أما اختيار الدخول للحكومة فهو رهين ترتيبات كثيرة.
ليس في الأمر عيب أن تعتبر قيادة الاتحاد الاشتراكي أنها فشلت في تدبير المرحلة. لم تفهمها بالشكل المطلوب، فحتى في تبرير ضرورة الوجود في الحكومة أقحمت النموذج التنموي. فهل سيعارضه الحزب بعد أن وجد نفسه خارج الأغلبية الحكومية؟
شيء ما لم يكن على ما يرام داخل الاتحاد الاشتراكي. أتمنى صادقا تجاوزه وعودة الحزب إلى دوره الحقيقي كأداة للدفاع الشعبي. لم يكن المواطن يجد خيمة يستظل بها سوى هذا اليسار الذي ضحى كثيرا.
خروج الاتحاد إلى المعارضة لا يمكن أن يكون ذا جدوى إن لم تحدث خلخلة داخل الحزب وقد يشكل المؤتمر المقبل مناسبة لها.
أُصر على أن المعارضة القوية هي الضامن الرئيسي لفصل السلط. ولا معنى لسطة تشريعية منفصلة عن سلطة تنفيذية دون هذا النوع من المعارضة، لنهما شيء واحد، فالأغلبية في الحكومة هي نفسها الأغلبية في البرلمان. بعد الذي وقع قبيل تشكيل الحكومة يصعب التعويل على معارضة اتحادية في البرلمان. لكنها ممكنة بعد المؤتمر بعد إعادة ترتيب الأوراق وبناء الأداة التنظيمية التي يمكن بواسطتها تصريف المعارضة تجاه الحكومة.