صادق مجلس النواب، مساء الثلاثاء 20 ماي 2025، بالأغلبية، على مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، في جلسة تشريعية استغرقت ساعات من النقاش والمداولات، وأفضت إلى موافقة 130 نائبًا برلمانيًا مقابل معارضة 40، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت.
وهبي: نص تشريعي غير عادي يواكب الدستور والالتزامات الدولية
وفي كلمة تقديمية خلال الجلسة، أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن المشروع المعتمد يمثل “محطة نوعية واستثنائية في مسار تحديث المنظومة الجنائية الوطنية”، مشددًا على أنه يتضمن توازنًا دقيقًا بين “حماية الأمن العام وضمان الحقوق والحريات الفردية”.
وأوضح الوزير أن مشروع القانون الجديد لا يُعد نصًا عاديًا، بل هو بمثابة “دستور للعدالة الجنائية”، بالنظر إلى ما يتضمنه من مقتضيات وآليات تهم حماية المتقاضين، وتعزيز شروط المحاكمة العادلة، وتقوية أدوار الدفاع، فضلاً عن مواجهة تطورات الجريمة، بما في ذلك الجرائم المنظمة والرقمية.
1384 تعديلًا برلمانيا.. تفاعل انتقائي ورفض لمقترحات “تجاوز المحددات”
وشدد وزير العدل على أنه تم التعامل بإيجابية مع عدد مهم من التعديلات البرلمانية، التي بلغت في مجملها 1384 مقترحًا، مضيفًا أن باقي التعديلات “لم يتم الأخذ بها لأسباب قانونية وتقنية أو لارتباطها بإمكانات تنفيذية كبيرة تتجاوز قدرات الدولة الحالية”.
أبرز مستجدات المشروع: تقليص الاعتقال الاحتياطي وحماية ضحايا الاتجار بالبشر
واستعرض وهبي حزمة من المستجدات التي تضمنها النص المصادق عليه، من بينها:
-
تكريس قرينة البراءة وعدم اعتبار الصمت اعترافًا ضمنيًا؛
-
اعتماد أوسع للوسائل الرقمية في الإجراءات الجنائية؛
-
الحد من الاعتقال الاحتياطي وترشيد اللجوء إليه؛
-
تعزيز الحماية القانونية لضحايا الاتجار بالبشر؛
-
تحسين آليات الإفراج المشروط وإعادة الإدماج، عبر تسهيل إجراءات رد الاعتبار؛
-
تدعيم الشفافية وتبسيط الأداء المرتبط بالغرامات.
نص متكامل ضمن رؤية شاملة لإصلاح العدالة
وأوضح وزير العدل أن القانون الجديد يُكمل سلسلة من النصوص الإصلاحية، على غرار قانون العقوبات البديلة وقانون تنظيم المؤسسات السجنية، بهدف بلورة تصور شمولي لعصرنة العدالة الجنائية، يعكس التزام المغرب بمواءمة قوانينه مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
معارضة محتشمة ونقاش محتدم حول المواد الخلافية
ورغم تمرير المشروع بأغلبية مريحة، فقد عبّرت كتل برلمانية معارضة، وعلى رأسها فريق التقدم والاشتراكية، عن تحفظاتها إزاء بعض مواد القانون، خصوصًا المادتين 3 و7، اللتين اعتُبرتا بمثابة “تضييق” على دور المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، فضلاً عن مآخذ تتعلق بغياب الرؤية الحقوقية الشاملة و”تهميش” عدد من مقترحات التعديل.