نبهت المعارضة من “بلوكاج” عمل مجلس المنافسة، وحصر المؤسسة التشريعية في العمل الاستشاري عوض القيام بمهام ضبط السوق و مراقبة الأعمال و الأفعال المنافية للقوانين، داعين اغلى خروج المجلس من الحياد أمام مجموعة من الملفات الحارقة كالزيادة في الأسعار في المحروقات و المواد الغذائية، وذلك بعدما أحالت حكومة عزيز أخنوش، مشروعي قانونين يتعلقان بإصلاح مجلس المنافسة وحرية الأسعار والمنافسة على مجلس النواب، الذي سيشرع في مناقشتهما بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية قريباً، ويتعلق الأمر بمشروع قانون رقم 40.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، ومشروع قانون رقم 41.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة.
وصادقت الحكومة على مشروعي القانونين في مارس الماضي، ومن المقرر أن يعوضا الإطار القانوني الحالي الذي ينظم مجلس المنافسة وحرية الأسعار والمنافسة المعمول به منذ عشر سنوات، وجاء هذا الإصلاح تنفيذاً لتعليمات ملكية دعت إلى إعادة النظر في المسطرة المتبعة أمام مجلس المنافسة، بعدما كانت المؤسسة نظرت في الممارسات المنافية للمنافسة في قطاع المحروقات، وهو الملف الذي انتهى بإنشاء لجنة للتحقيق في الموضوع انتهت بإقالة الرئيس السابق للمجلس.
وأبرز المستجدات التي حملها الإصلاح تتمثل في إمكانية الطعن في قرار محكمة الاستئناف بالرباط القاضي بتأكيد قرار مجلس المنافسة أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، وهذه إمكانية مفتوحة يمكن سلكها من لدن الأطراف المعنية أو رئيس المجلس أو مندوب الحكومة، وبعدما كانت الحكومة ممثلة فقط بمندوب لها داخل المجلس، أصبحت المقتضيات الجديدة تنص على تمثيلها بمندوب ونائبين اثنين له يعينون بمرسوم، وهو ما سيعزز حضورها داخل هذه الهيئة الدستورية.
وبخصوص إلزامية التبليغ عن عمليات التركيز الاقتصادي، ينص الإصلاح على اعتماد معيار رقم معاملات سيتم تحديد سقفه عبر مرسوم، و مستجد آخر يحمله الإصلاح، يتمثل في استفادة المجلس من الإتاوات المقبوضة عن التبليغ عن عمليات التركيز الاقتصادي. كما سيضطر أعضاء المجلس إلى التصريح بالممتلكات والأصول التي في حيازتهم المباشرة وغير المباشرة، وفقاً للفصل 158 من الدستور.
ويجب على كل عضو من أعضاء مجلس المنافسة أن يخبر الرئيس عند بداية مزاولة مهامه بواسطة تصريح مكتوب بالمصالح التي يتوفر عليها أو تملكها مؤخراً، والمهام التي يزاولها في نشاط اقتصادي؛ ويتم تحيين التصريح سنوياً في التاريخ الذي يصادف تاريخ تعيينه.
كما تمنع المقتضيات الجديدة على كل عضو التداول في قضية له فيها مصلحة قريبة أو بعيدة، بحيث يتوجب عليه إخبار رئيس المجلس بشأن تضارب المصالح، ناهيك عن إمكانية تقديم أطراف القضية طلب تجريح في حق عضو إلى رئيس المجلس.
وبخصوص قرارات المجلس، تم التنصيص على ضرورة اتخاذها بأغلبية الأعضاء الحاضرين؛ وفي حالة تساوي الأصوات يرجح موقف رئيس التشكيلة. وعلى الأعضاء الالتزام بسرية المداولات والاجتماعات، وربط خرقها بإثارة المسؤولية الجنائية طبقا لأحكام الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي.
كما يتحدث الإصلاح عن إحداث مسطرة جديدة لتجريح أعضاء المجلس المعينين للنظر في إحدى القضايا، وكذا المقرر العام والمقرر المعين من قبله للتحقيق في القضية؛ وهو ما سيؤدي إلى استبعاد أعضاء المجلس من النظر في القضايا التي قد تكون لهم فيها مصلحة.
ويمكن للمجلس أن يجتمع في شكل هيئة أو لجنة دائمة أو في فروع. وتتشكل الهيئة من كافة أعضاء المجلس، فيما تتألف اللجنة الدائمة من الرئيس ونوابه الأربعة؛ بينما يحدد الرئيس عدد الفروع وتأليفها سيسند إلى كل واحد منها الملفات التي سيقوم بدراستها.
وافادت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، اليوم الجمعة بالرباط، بأن مشروع القانون رقم 41.21 الذي يغير ويتمم القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة، يروم تعزيز حياد المجلس كهيئة دستورية وكذا تحسين وتدقيق إجراءات الإحالة على المجلس.
وأوضحت فتاح العلوي، خلال تقديمها لهذا النص التشريعي أمام أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أنه يهدف إلى العمل على وضع منظومة وطنية متكاملة للمنافسة تكون ملائمة لتنفيذ النموذج التنموي.
وأشارت الوزيرة إلى أن النص يسعى لتحديد مهام وصلاحيات أعضاء المجلس وتجويد المساطر والتدبير، مبرزة أنه ينص كذلك على توضيح صلاحيات كل من رئيس المجلس ومختلف هيئاته التقريرية، لتلافي أي تداخل في الصلاحيات، كما يحيل إلى النظام الداخلي في شأن توزيع الصلاحيات بين مختلف الهيئات التقريرية للمجلس.
وينص مشروع القانون أيضا على استمرار الأعضاء المنتهية ولايتهم في ممارسة مهامهم إلى حين تعيين من يحل محلهم، تلافيا لأي عرقلة لأشغال المجلس، فضلا عن منح المجلس إمكانية نشر مبادئ توجيهية حول مختلف القضايا.
وفي ما يخص تجويد المساطر والتدبير، أبرزت فتاح العلوي أن هذا النص يقضي بتمكين مجلس المنافسة من مراقبة تضارب المصالح في إطار القضايا المعروضة عليه، بخصوص الأعضاء والمقرر العام، وإحداث مسطرة للتجريح في حق أعضاء المجلس والمقررين.
كما يحدد الشروط المتعلقة بالنصاب القانوني للتداول بالنسبة لمختلف مكونات المجلس، مع التأكيد على سرية مداولات الهيئات التقريرية له وحصر الحضور في الأعضاء المعنيين.