كشفت المعارضة، أن مجلس المنافسة يتعامل بانتقائية مع المؤسسات، مشيرة الى أنه من واجبه تفعيل صلاحياته سواء القانونية أو الدستورية، كمؤسسة دستورية يمكن لها أن تضمن المنافسة الشريفة ومحاربة الاحتكار والتفاهمات التي تكون بين المتدخلين في قطاعات معينة وخاصة التي لها علاقة سواء بالتجارة أو بالخدمات، حيث أشار إبراهيمي مصطفى القيادي في حزب العدالة والتنمية، الى أنه من غير اللائق أن تقع مؤسسة دستورية في أخطاء من هذا القبيل، موضحا أن “هذه الانتقائية للمجلس يجب أن تُراجع، فلا يجب أن نكون أقوياء مع الضعفاء وضعفاء مع الأقوياء”.
وسجل إبراهيمي التأخر الحاصل لدى المجلس في التفاعل مع ملف المحروقات وإبداء رأيه نظرا للأرباح المبالغ فيها وجشع الشركات، منتقدا الخرجة الإعلامية لرئيس مجلس المنافسة، وأكد أن المجلس لا يستطيع تفعيل صلاحيته إلا إذا تغير القانون، وهذا الأخير عرض على مجلس النواب وتمت المصادقة عليه، ولحد الآن هذا المجلس لم يصدر أي قرار جزري إزاء الشركات.
وأبرز أن نفس الملاحظة يتم تسجيلها بخصوص إبداء رأي حول الزيوت، حيث اعترف التقرير بأن هناك احتكارا، ذلك أن شركة وحيدة تحتكر 50 في المائة من سوق الزيوت، ويقر أيضا بأن جميع المؤشرات تفيد بأن هناك نوعا من التفاهم بين هذه الشركات.
ولفت إلى أنه بدل أن يرتب المجلس على هذه الشركات التي تمارس الاحتكار عقوبات، فإذا به يحمّل البقالين وتجار التقسيط مسؤولية ارتفاع أسعار الزيت، بحيث أن هذه الشركات لما تقوم بالتخفيضات هؤلاء البقالين لا يخفضون، وأوضح أن رئيس مجلس المنافسة كان متلبسا بتضارب المصالح خاصة في تقرير الزيوت، مستغربا كيف لرئيس كان بالأمس مديرا لإحدى الشركات المحتكرة وهو الذي يتخذ القرار في نفس الوقت فطبيعي أن يكون هناك تضارب للمصالح”.
و نبهت المعارضة من “بلوكاج” عمل مجلس المنافسة، وحصر المؤسسة التشريعية في العمل الاستشاري عوض القيام بمهام ضبط السوق و مراقبة الأعمال و الأفعال المنافية للقوانين، داعين اغلى خروج المجلس من الحياد أمام مجموعة من الملفات الحارقة كالزيادة في الأسعار في المحروقات و المواد الغذائية.
وصادقت الحكومة على مشروعي القانونين ومن المقرر أن يعوضا الإطار القانوني الحالي الذي ينظم مجلس المنافسة وحرية الأسعار والمنافسة المعمول به منذ عشر سنوات، وجاء هذا الإصلاح تنفيذاً لتعليمات ملكية دعت إلى إعادة النظر في المسطرة المتبعة أمام مجلس المنافسة، بعدما كانت المؤسسة نظرت في الممارسات المنافية للمنافسة في قطاع المحروقات، وهو الملف الذي انتهى بإنشاء لجنة للتحقيق في الموضوع انتهت بإقالة الرئيس السابق للمجلس.
وأبرز المستجدات التي حملها الإصلاح تتمثل في إمكانية الطعن في قرار محكمة الاستئناف بالرباط القاضي بتأكيد قرار مجلس المنافسة أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، وهذه إمكانية مفتوحة يمكن سلكها من لدن الأطراف المعنية أو رئيس المجلس أو مندوب الحكومة، وبعدما كانت الحكومة ممثلة فقط بمندوب لها داخل المجلس، أصبحت المقتضيات الجديدة تنص على تمثيلها بمندوب ونائبين اثنين له يعينون بمرسوم، وهو ما سيعزز حضورها داخل هذه الهيئة الدستورية.
وبخصوص إلزامية التبليغ عن عمليات التركيز الاقتصادي، ينص الإصلاح على اعتماد معيار رقم معاملات سيتم تحديد سقفه عبر مرسوم، و مستجد آخر يحمله الإصلاح، يتمثل في استفادة المجلس من الإتاوات المقبوضة عن التبليغ عن عمليات التركيز الاقتصادي. كما سيضطر أعضاء المجلس إلى التصريح بالممتلكات والأصول التي في حيازتهم المباشرة وغير المباشرة، وفقاً للفصل 158 من الدستور.
ويجب على كل عضو من أعضاء مجلس المنافسة أن يخبر الرئيس عند بداية مزاولة مهامه بواسطة تصريح مكتوب بالمصالح التي يتوفر عليها أو تملكها مؤخراً، والمهام التي يزاولها في نشاط اقتصادي؛ ويتم تحيين التصريح سنوياً في التاريخ الذي يصادف تاريخ تعيينه.
كما تمنع المقتضيات الجديدة على كل عضو التداول في قضية له فيها مصلحة قريبة أو بعيدة، بحيث يتوجب عليه إخبار رئيس المجلس بشأن تضارب المصالح، ناهيك عن إمكانية تقديم أطراف القضية طلب تجريح في حق عضو إلى رئيس المجلس.
وبخصوص قرارات المجلس، تم التنصيص على ضرورة اتخاذها بأغلبية الأعضاء الحاضرين؛ وفي حالة تساوي الأصوات يرجح موقف رئيس التشكيلة. وعلى الأعضاء الالتزام بسرية المداولات والاجتماعات، وربط خرقها بإثارة المسؤولية الجنائية طبقا لأحكام الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي.
كما يتحدث الإصلاح عن إحداث مسطرة جديدة لتجريح أعضاء المجلس المعينين للنظر في إحدى القضايا، وكذا المقرر العام والمقرر المعين من قبله للتحقيق في القضية؛ وهو ما سيؤدي إلى استبعاد أعضاء المجلس من النظر في القضايا التي قد تكون لهم فيها مصلحة.
ويمكن للمجلس أن يجتمع في شكل هيئة أو لجنة دائمة أو في فروع. وتتشكل الهيئة من كافة أعضاء المجلس، فيما تتألف اللجنة الدائمة من الرئيس ونوابه الأربعة؛ بينما يحدد الرئيس عدد الفروع وتأليفها سيسند إلى كل واحد منها الملفات التي سيقوم بدراستها.