أطلقت ثلاثة مكونات برلمانية في مجلس النواب مبادرة لتشكيل لجنة نيابية لتقصّي الحقائق، حول الدعم الحكومي الموجّه لاستيراد المواشي، وذلك في ظلّ جدل واسع حول جدوى هذه التدابير، التي بدأت الحكومة تطبيقها منذ أواخر عام 2022، وامتدت إلى موسم عيد الأضحى لعامي 2023 و2024.
المبادرة التي أعلنت عنها كل من الفريق الحركي، وفريق التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، تأتي استناداً إلى أحكام الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، وتنص على تكليف لجنة برلمانية بالتحقيق في مختلف الجوانب المرتبطة بهذه السياسات، بدءاً من الإعفاءات الجمركية وضريبة القيمة المضافة، وصولاً إلى الدعم المباشر لاستيراد الأغنام الموجهة للذبح خلال المناسبات الدينية.
ويقدر حجم هذه التدابير، بحسب المعطيات المتداولة، بمليارات الدراهم، ما يطرح تساؤلات عدة حول مدى التزام المستفيدين بالضوابط المقررة، ودرجة تحقق الأهداف المعلنة من هذه السياسات، وعلى رأسها ضمان وفرة اللحوم في السوق المحلي بأسعار مناسبة.
وأكدت المكونات البرلمانية الداعية للمبادرة أن الهدف منها هو «استجلاء الحقيقة كاملة، وتنوير الرأي العام بخصوص تدبير هذا الملف»، مشددة على أن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق من شأنه أن يسهم في تقييم مدى نجاعة القرارات الحكومية، وملاءمتها للواقع الاقتصادي والاجتماعي، كما يندرج ضمن الدور الرقابي لمجلس النواب.
وتواجه الحكومة، في الأشهر الأخيرة، انتقادات بشأن محدودية الأثر الإيجابي لهذه التدابير على القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما مع تكرار الحديث عن ارتفاع أسعار اللحوم، بالرغم من الدعم الموجّه للمستوردين.
من جهة أخرى، أثار غياب المعطيات الدقيقة حول هوية المستفيدين من هذا الدعم، وطبيعة المعايير المعتمدة في الاستيراد، مخاوف عدد من البرلمانيين من احتمال استفادة أطراف محدودة، في غياب ما يكفي من آليات التتبع والمراقبة.
وتأمل الفرق البرلمانية الثلاثة أن تلقى مبادرتها تجاوباً من باقي المكونات السياسية في البرلمان، بما في ذلك الأغلبية، من أجل الدفع في اتجاه «تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان ترشيد النفقات العمومية في سياق اقتصادي دقيق».
ومن المنتظر أن تُحال المبادرة في الأيام المقبلة على رئاسة مجلس النواب، التي تتولى عرضها على اللجنة المعنية بالبَتّ في تشكيل لجان تقصي الحقائق، وهي آلية دستورية تمنح للبرلمان صلاحية التحقيق في قضايا ذات طابع عام، في حال توفرت الأغلبية القانونية.