احتضنت العاصمة المغربية صباح اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025، توقيع مخطط عمل مشترك بين المديرية العامة للأمن الوطني بالمغرب ونظيرتها الفرنسية، في مشهد يؤكد على الأهمية التي بات يكتسيها التعاون الشرطي الثنائي في زمن التحديات العابرة للحدود.

وقد جرت مراسم التوقيع بمقر المديرية العامة للأمن الوطني بحضور المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف حموشي، ونظيره الفرنسي لوي لوجيي، المدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية، الذي حل بالمغرب مرفوقا بوفد أمني رفيع المستوى إلى جانب السفير الفرنسي المعتمد بالرباط.
ويأتي هذا المخطط المشترك كإطار عملي يؤسس لتعاون أكثر منهجية وفعالية بين الجانبين، لا سيما في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة، وتعقب المطلوبين للعدالة، وتبادل المعلومات الأمنية الحساسة، فضلا عن آليات المساعدة التقنية والتدريب الشرطي المتخصص. ويُنتظر أن تثمر هذه الوثيقة خارطة طريق واضحة تسمح بإطلاق مجموعات عمل مشتركة، وإرساء أسس شراكة استراتيجية تستجيب لحجم التحديات التي تواجه البلدين.

اللافت في هذه الزيارة، أنها لم تقتصر فقط على الجوانب التقنية، بل حملت في طياتها بُعدًا دبلوماسيًا ورمزيًا قويًا، تمثل في تقليد السيد عبد اللطيف حموشي وسام جوقة الشرف من درجة ضابط، وهو أحد أرفع الأوسمة التي تمنحها الجمهورية الفرنسية. وقد حرص السفير كريستوف لوكورتييه على تسليمه للمسؤول الأمني المغربي، في رسالة تحمل الكثير من الدلالات حول الثقة الفرنسية في الشريك المغربي، وتقديرًا للدور الكبير الذي تلعبه الأجهزة الأمنية المغربية في دعم أمن فرنسا، سواء في مكافحة الإرهاب أو في إنجاح تظاهرات رياضية كبرى مثل الألعاب الأولمبية التي احتضنتها باريس.

المدير العام للشرطة الفرنسية لم يُخفِ خلال اللقاء امتنانه للمغرب، مؤكدًا استعداد بلاده لمواكبة المملكة في تعزيز بروتوكولات الأمن والسلامة، خصوصًا في ظل التظاهرات الدولية المرتقبة، وفي مقدمتها كأس العالم 2030.
على هامش الزيارة، جرت محادثات معمقة بين المسؤولين الأمنيين ركزت على تقييم التعاون الثنائي، ودراسة السبل الكفيلة بتعزيزه، بما يضمن أعلى مستويات التنسيق والاستعداد في مواجهة المخاطر المستجدة.
في ختام اليوم الأمني والدبلوماسي الحافل، بدا واضحًا أن العلاقة بين المغرب وفرنسا في شقها الأمني تجاوزت منطق التنسيق الظرفي، لتنتقل إلى مستوى شراكة دائمة قائمة على تبادل الثقة والخبرات، في وقت يفرض فيه السياق الدولي تجديد أدوات التعاون لمجابهة التهديدات المعقدة التي لم تعد تعترف بالحدود.