سجل المغرب خلال الموسم الحالي ارتفاعًا ملحوظًا في معدل التساقطات المطرية مقارنة بالسنة الفلاحية السابقة، حيث بلغت نسبة الزيادة 85% وفقًا لبيانات وزارة التجهيز والماء.
وأوضحت الوزارة أن الفترة الممتدة من 1 سبتمبر 2024 إلى 15 مارس 2025 شهدت تساقطات مطرية بمتوسط 112 ملم، مقارنة بـ 60.5 ملم خلال الموسم الماضي، ورغم هذه الزيادة، فإن المعدل لا يزال أقل من المتوسط السنوي المعتاد بنسبة 18.4%.
أدى هذا التحسن في الأمطار إلى تقليص العجز المائي في مختلف الأحواض، حيث سجل حوض كير-زيز-غريس فائضًا منذ بداية السنة الهيدرولوجية، مستفيدًا من الأمطار الغزيرة التي شهدها الجنوب الشرقي في سبتمبر الماضي.
كما ساهمت التساقطات الأخيرة، التي تركزت بين 22 فبراير و15 مارس، في تحسين مخزون المياه بشكل كبير، حيث تراوحت كميات الأمطار المسجلة بين 8 ملم في طانطان و349 ملم في طنجة. وشهدت مناطق مثل شفشاون وإفران ومرتفعات الأطلس الكبير والريف كميات مهمة من الأمطار والثلوج، مما ساهم في تعزيز الموارد المائية على المدى الطويل.
أيوب العراقي، الباحث في مجال المناخ والأمن المائي، يرى أن هذه التساقطات تمثل مؤشرًا إيجابيًا، إذ تساعد في تعويض العجز المائي الذي تعاني منه البلاد، كما تدعم النشاط الفلاحي وتعزز الأمن الغذائي. ومع ذلك، حذر من أن الفجوة بين المعدل الحالي والمعدل الطبيعي تشير إلى استمرار تحديات الأمن المائي، ما يستدعي تعزيز سياسات التكيف مع التغيرات المناخية.
رغم الإيجابيات، فإن الأمطار الغزيرة قد تشكل مخاطر الفيضانات، خاصة في المناطق التي تعاني من هشاشة البنية التحتية. كما أن تساقط الثلوج بكثافة في مناطق الأطلس والريف يزيد من الحاجة إلى تخطيط جيد لضمان الاستفادة القصوى من هذه الموارد المائية، دون أن تتحول إلى أزمة فيضانية.
في ظل هذه المعطيات، شدد الخبراء على ضرورة تبني حلول مستدامة مثل تقنيات حصاد المياه، وتحسين إدارة الموارد المائية، والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة في الري والمراقبة البيئية، لضمان استدامة الموارد المائية في ظل التغيرات المناخية المتزايدة.
يعد الموسم المطري الحالي من بين المواسم الجيدة مقارنة بالسنوات الماضية، حيث ساهم في تحسين المخزون المائي وتقليل العجز، إلا أن استمرار التغيرات المناخية يحتم على المغرب تعزيز جهوده في إدارة موارده المائية بطرق أكثر استدامة لتفادي الأزمات المستقبلية.