تستعد المملكة المغربية لدخول مرحلة جديدة في مجال الصناعات الدفاعية، حيث كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن المغرب أصبح على وشك أن يكون أول دولة إفريقية تحتضن مشروعًا لإنتاج الطائرات المسيرة التركية، وذلك عبر تأسيس شركة “أطلس ديفنس”، التي تم تسجيلها حديثًا في المحكمة التجارية بالرباط وفقًا لما ورد في الجريدة الرسمية بتاريخ 29 يناير 2025.
وأثار الإعلان عن تسجيل الشركة تساؤلات بشأن هوية المساهمين فيها، ليُكشف لاحقًا أن ملكيتها تعود للأخوين حلوك وسلجوق بيرقدار، وهما من أبرز الأسماء في قطاع الصناعات الدفاعية التركية. حلوك، البالغ من العمر 46 عامًا، يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة “بايكار”، بينما يتولى شقيقه سلجوق منصب المدير التقني، وهو صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشراكة ليست وليدة اللحظة، إذ سبق للجيش المغربي أن اقتنى نحو 20 طائرة مسيرة من طراز “بيرقدار TB2” منذ عام 2021، والتي تستخدم في عمليات عسكرية بالصحراء المغربية ضد جبهة “البوليساريو” الانفصالية، كما تسلم المغرب نماذج متقدمة من طراز “آقنجي”، القادرة على التحليق على ارتفاعات أعلى وحمل ذخائر أكثر.
ورغم أن شركة “أطلس ديفنس” لم تعلن رسميًا عن طبيعة أنشطتها، فإن وثائق تسجيلها تشير إلى أنها ستعمل في “تصميم وتصنيع وتطوير وصيانة الطائرات بدون طيار”، مما يعزز التكهنات حول نية المغرب تأسيس وحدة إنتاج محلية بالشراكة مع “بايكار” التركية.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن الخبير الدفاعي نزار دردابي، أن “المغرب قد يصبح مركزًا إقليميًا لإنتاج الطائرات التركية، خصوصًا مع تزايد الطلب عليها في شمال وغرب إفريقيا، حيث تتميز هذه الطائرات بتكلفة منخفضة مقارنة بجودتها العالية”.
وتشير معطيات موقع “ميليتاري أفريكا” إلى أن أكثر من نصف الطائرات المسيرة المستخدمة في القارة تتركز في شمال إفريقيا، حيث يمتلك المغرب حوالي 230 طائرة بدون طيار، ليصبح ثاني أكبر قوة جوية مسيرة في إفريقيا بعد مصر، في حين تمتلك الجزائر نحو 120 طائرة، مما يضعها في المرتبة الخامسة.
وأوضحت “لوموند” أن هذا التوجه المغربي يأتي في سياق سباق التسلح المتزايد في المنطقة، حيث رفعت الجزائر ميزانيتها العسكرية لعام 2025 إلى حوالي 24 مليار يورو (240 مليار درهم)، فيما خصص المغرب نحو 13 مليار يورو (130 مليار درهم) لتعزيز قدراته الدفاعية.
وأضافت الصحيفة أن التصنيع المحلي للطائرات المسيرة قد يكون خطوة طبيعية لمواكبة هذه المنافسة الإقليمية، لا سيما أن المغرب يسعى لتعزيز استقلاليته الدفاعية وتطوير صناعاته الحربية، في وقت تشهد فيه القارة الإفريقية نفوذًا تركيًا متزايدًا على الصعيدين العسكري والاقتصادي، حيث بلغت قيمة التجارة التركية مع الدول الإفريقية 32 مليار دولار في عام 2023.