تشهد الساحة القانونية أزمة متفاقمة بين وزير العدل وهيئات المحامين، حيث تصاعدت التوترات بشكل ملحوظ في ظل غياب التفاهم والحوار الفعال.
ورغم محاولات الحوار والتفاوض، يبدو أن المساعي للوصول إلى حلول مشتركة قد باءت بالفشل، مما دفع المحامين إلى اتخاذ خطوات احتجاجية، منها التوقف الشامل عن ممارسة مهام الدفاع.
وفي هذا الصدد، وابتداءً من اليوم الجمعة، فاتح نونبر، وحتى إشعار آخر، شهدت محاكم المملكة شللاً تامًا، حيث بدأ المحامون تنفيذ احتجاجهم من خلال “التوقف الشامل” عن ممارسة مهام الدفاع، استجابة لدعوة جمعية هيئات المحامين بالمغرب.
وفي هذا الصدد، قال عزيز رويبح، نقيب هيئة المحامين بالرباط، في تصريح لجريدة “أشطاري 24″، إنه قبل اتخاذ هذا القرار، جرت حوارات مكوكية مع وزير العدل. وكنّا نتوقع احترام مطالبنا والتجاوب معنا، إلا أننا تفاجأنا بأن مشروع قانون المسطرة المدنية يتضمن بعض المقتضيات التي تقتل المشروع وتفرغه من محتواه، رغم كل الإيجابيات التي جاء بها.
وشدد رويبح على أن أخطر ما جاء به مشروع قانون المسطرة المدنية هو أنه يجعل المواطن المغربي محل اشتباه في التقاضي بسوء النية. ولأن المحامي هو من يمارس حق الدفاع، فلا بد من رفض هذا الأمر لأنه يقيد ويخيف المواطن من اللجوء إلى القضاء.
ورداً على تصريحات وزير العدل بأنه يتحدى المحامين بأنهم سبق لهم أن تقدموا بطلب للقائه ورفضه، أكد رويبح أن المحامين سبق لهم أن التقوا مع الوزير في جو من الاحترام والزمالة. واعتبر أن هذه الزيارات لم تحقق أي نتائج، بل كانت مجرد زيارات ودية أكثر منها عمليات فعالة.
وأفاد المتحدث أن المحامين لم يقولوا إن الوزير أغلق باب الحوار، بل الوزير أغلق باب الإصغاء والتقدير والتفهم، وباب احترام واعتبار هيئة المحامين بالمغرب.
ورفض نقيب هيئة المحامين بالرباط طريقة كلام وزير العدل في البرلمان حول النقباء، واتهام المحامين بالفئوية والتقاعس في ممارسة المهنة، معتبراً أن المحامين يقومون بواجبهم الوطني بشكل كبير وفق ما يقتضيه الأخلاق والضمير ومصلحة الوطن.
واعتبر النقيب أن المحامين لم يعد أمامهم مكان للدفاع عن أنفسهم إلا في الساحة، وبالتالي فإن معركة المحامين هي معركة كرامة ورد الاعتبار للمهنة.
وذكر أن المشروع يستهدف بشكل أساسي مهنة المحاماة والمتقاضي، وخاصة ذوي الهشاشة، مؤكدًا أن الثقة في القضاء تتطلب تشريعات تتماشى مع مستوى الدستور وتعكس خطاب جلالة الملك محمد السادس حول ضرورة إصلاح العدالة.
ورد رويبح على سؤال حول ما إذا كانت هناك محاولة لإقبار مهنة المحاماة، قائلًا: “لا يمكن لأحد إقبار مهنة المحاماة، فهذه المهنة ستبقى قوية مهما كانت الظروف.” وأوضح أن المحامين هم دائمًا سند للحقوق والحريات، وأن هناك شريحة لا ترى المحاماة بعين الرضا، لكنهم يعتزون بدورهم.وأكد رويبح على أن هناك هجوم على مهنة المحاماة من قبل الحكومة، مشيرًا إلى أن الخطابات والمواقف تعكس استهدافًا مباشرًا. وطرح تساؤلات حول تحميل المحامي وزر كل الإشكالات في المنظومة القضائية، محملًا الحكومة مسؤولية عدم معالجة تراكم الملفات.
وخلص رويبح إلى استعدادهم لمواصلة الدفاع عن مهنة المحاماة، مؤكدًا أن المصادقة على هذا المشروع تعني وجود إرادة سياسية لتهميش حق المواطن في التقاضي. وأكد أنهم سيتخذون كل ما من شأنه تعزيز حقوق المتقاضين والمحافظة على قيمة مهنة المحاماة، على الرغم من القانون الحالي الذي لا يتماشى مع تطلعات المغرب اليوم.
وأمام هذا التصعيد، حاولنا الاتصال بعد اللطيف وهبي وزير العدل للحصول على تعليق حول التصعيد الحالي، ولكننا لم نتمكن من الوصول إليه.