في تطور لافت يعكس تداعيات إدراج جبهة “البوليساريو” الانفصالية ضمن المشاركين في مناورات “سلام إفريقيا 3″، نقلت مصادر دبلوماسية متطابقة أن مصر وموريتانيا قررتا عدم المشاركة في التدريبات العسكرية المرتقبة على الأراضي الجزائرية ما بين 21 و27 ماي الجاري، والتي تنظم تحت مظلة “قدرة شمال إفريقيا”، إحدى المنصات الإقليمية التابعة للاتحاد الإفريقي.
وأكدت المصادر أن قرار الانسحاب جاء بعد تحفظ البلدين على الطابع السياسي للمناورات، إثر تأكيد مشاركة جبهة “البوليساريو” المسلحة، التي يسعى المغرب إلى تصنيفها منظمة انفصالية تهدد الأمن الإقليمي، وتعتبر الرباط أي محاولة لإشراكها ضمن ترتيبات إقليمية بمثابة خرق صريح لقواعد الشرعية الدولية.
ووفق المعطيات المتوفرة، فقد تم إبلاغ الجزائر – بصفتها الدولة المضيفة والمنظمة للمناورات – بقرار القاهرة ونواكشوط عدم إرسال أي وحدات عسكرية أو ملاحظين إلى التدريبات، وذلك تفادياً لأي اصطدام دبلوماسي مع المغرب، الشريك الاستراتيجي لكلا البلدين، وحرصاً على الاحتفاظ بموقع الحياد في نزاع الصحراء.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يُسجّل فيه تقارب مغربي-مصري ومغربي-موريتاني متنامٍ، خاصة على المستويين الاقتصادي والأمني. ففي القاهرة، تواصل بعثة اقتصادية مغربية رفيعة مباحثاتها لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، رغم الخلافات التجارية الأخيرة، فيما يواصل وفد رسمي موريتاني زيارة إلى الرباط لتعزيز التعاون في مجالات اللامركزية والتنمية المحلية.
وكانت مشاركة “البوليساريو” في هذه المناورات قد أثارت جدلاً واسعاً، خاصة بعد أن فشلت الجزائر في إعلان قائمة المشاركين بشكل رسمي، ما عزز مناخ الضبابية والشكوك، خصوصاً أن أي جهة رسمية مصرية أو موريتانية لم تؤكد حضورها علناً، في الوقت الذي أعلنت فيه ليبيا حضورها دون توضيح لطبيعة المشاركة.
وتُعتبر هذه المناورات جزءاً من مشروع دفاعي إقليمي تحت لواء الاتحاد الإفريقي، غير أن تسييسها من طرف الجزائر عبر إشراك كيان غير معترف به في الأمم المتحدة أثار مخاوف من توظيف المؤسسة العسكرية القارية لخدمة أجندات انفصالية.
ويُرجح مراقبون أن يؤثر هذا الانسحاب على مصداقية مناورات “سلام إفريقيا 3″، وعلى مستقبل “قدرة شمال إفريقيا” كآلية للتنسيق العسكري، في وقت باتت فيه النزاعات الإقليمية تهدد بتقويض أي مشروع أمني مشترك في القارة.