يعتبر التصريح الحكومي وعرض برنامجها حدثا ذا أهمية كبيرة، وبالتالي يلزم أن يتم إيلاءه عناية كبيرة وجدية، ومن تابع التصريح الحكومي لعزيز أخنوش، الذي تقدم به أول أمس الاثنين أمام البرلمان بغرفتيه، يحصل لديه انطباع أولي بأن هذا التصريح تم إعداده على عجل، وكان الهدف هو الإسراع في إخراجه، مع العلم أنه كان يلزم إنجاز تصريح متوازن عن طريق لجنة من الأغلبية، باعتبارها هي المعنية بهذا البرنامج، وهي التي أفرزت الحكومة التي ستنجزه.
أول ملاحظة يمكن تسجيلها على التصريح الحكومي، هي أنه عبارة عن فقرات إنشائية لا يوجد بينها رابط، وكأنها كُتبت في مواقع مختلفة وتم تجميعها من قبل شخص يتقن “أدوات الربط”، حيث لا يوجد نسق يحكم التصريح، بل أفكار ضبابية وغير واضحة تم التعبير عنها بكلمات لا دلالة لها.
التصريح الحكومي ينبغي أن يتميز بالصياغة العلمية مثله مثل البرنامج، وعندما نقول الصياغة العلمية نقصد خضوعه للمنطق، لكن للأسف الشديد التصريح جاء مليئا بالعبارات الإنشائية مثله مثل البرنامج، الذي لم يخضع في تهيئته للانتظارات التي عبرت أحزاب الأغلبية عن تحقيقها في حال فوزها. بل هناك تراجع خطير.
تصور حكومة أقامت الدنيا ولم تقعدها وما زالت أحزابها فرحة مستبشرة قررت تشغيل مليون شخص خلال خمس سنوات أو إحداث مليون منصب شغل بتعبير أدق. في وقت لم تعد الوظيفة العمومية تستوعب إلا النزر اليسير من الخريجين، أين سيذهب الباقي؟ على من يضحك أخنوش؟ خريجو الجامعات وحدهم يفوق عدد 150 ألف سنويا، ويفوق عدد الخريجين من معاهد التكوين المهني 200 ألف سنويا ناهيك عن مؤسسات تكوين أخرى بمعنى لا يقل عدد الخريجين سنويا عن نصف ملون بالإضافة إلى المنقطعين، وفي حدود الرقم الذي أعطى سنكون أمام بطالة مرتفعة سنويا وأن الرقم هو أكبر خديعة لحكومة أخنوش.
وعندما وصل إلى التعليم قام بالتلبيس والغموض من خلال جمل لا قيمة لها، لكن نسي الأرقام الفلكية التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية، ويبدو أن إصلاح التعليم الأخنوشي لن يكون إلا بالتخلص منه، والشيء نفسه يقال عن قطاع الصحة، الذي يبدو أن عبارة توسيع دائرة عائدات هذا القطاع التي وردت في البرنامج الحكومي لن تخرج عن نطاق الخصخصة.
لم يخل البرنامج الحكومي من السطو على مشروع كبير للدولة هو مفهوم الدولة الاجتماعية، لكن نسيت الحكومة أن المطلوب منها هو تنزيل هذا المشروع لا أن تجعل منه برنامجا انتخابيا في وقت انتهت الانتخابات، لكن ما هي كلفته المالية؟ من أين ستأتي الحكومة بالموار؟ أين اختفت الوعود الكبيرة؟ أين 2500 درهم لفائدة رجال التعليم؟ أين ألف درهم لكل من فات 60 سنة وليس له معاش؟ وهل نسي قادة التجمع عندما قال أحدهم: إذا وصلنا إلى الحكومة سنريكم الصناعة ديال بصح ماشي الخشيبات؟
كنا نود أن ينعكس البرنامج الانتخابي على البرنامج الحكومي ولو بنسبة معينة لكن تمخض الجبل فلم يلد شيئا.