لم تكن ليلة عاشوراء بمدينة بيوكرى ليلة عادية. في الوقت الذي كان فيه الأطفال يشعلون النيران في الأزقة، ويرددون أهازيج الطفولة الممزوجة برائحة البارود، دوّى صوت انفجار عنيف هزّ حي درب حماد، ليقلب فرحة البعض إلى فزع شامل.
قنينة غاز تحولت في رمشة عين إلى قذيفة، لتبعثر صمت الليل وتوقظ الحي على وقع صراخٍ وهرولةٍ وخوفٍ، لا أحد فهم في البداية ما جرى. كل ما كان واضحاً هو دخان كثيف، وأصوات سيارات الإسعاف والشرطة التي لم تتأخر في الوصول إلى مكان الحادث.
رجال الشرطة وعناصر الوقاية المدنية انتشروا بسرعة، فيما أغلقت الممرات المؤدية إلى موقع الانفجار. أما السكان، فخرجوا من بيوتهم بملامح يطبعها الذهول، لا يصدقون أن احتفالاً كان من المفترض أن يُدخل البهجة، كاد أن يتحول إلى مأساة.
شخص واحد على الأقل، لم يتحمّل وقع الصدمة، فنُقل على وجه السرعة إلى المستشفى بعدما دخل في حالة انهيار عصبي. وفي المقابل، انكبت الشرطة العلمية على فحص مكان الحادث، بحثاً عن أي دليل قد يقود إلى فهم ما وقع ومن المسؤول عنه.
لم يكن هذا الانفجار سوى القمة الجليدية لما جرى في تلك الليلة، حيث عرفت أحياء مثل توامة انفلاتات مماثلة، تمثّلت في إشعال نيران عشوائية وسط الأحياء السكنية، دون رقابة أو وعي بما قد تجره مثل هذه الأفعال من أخطار محدقة.
اليوم، وبينما تواصل السلطات تحقيقاتها، يطرح كثيرون أسئلة ملحّة: إلى متى سيبقى الاحتفال بعاشوراء مرتبطاً بمشاهد التهور؟ ومتى ننتقل من الفوضى إلى الاحتفاء الواعي، الذي يحفظ الأرواح والممتلكات ولا يُفرغ المناسبة من معناها؟