قدمت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ملاحظات جوهرية حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبرة أن التعديلات المقترحة غير كافية لضمان فعالية مكافحة جرائم الفساد.
وأكدت الهيئة أن المشروع يعاني من أوجه قصور في قواعد الاختصاص الاستثنائي وآليات تجميد عائدات الفساد، فضلاً عن محدودية تفعيل مبدأ إطلاع الرأي العام.
وأوضحت الهيئة أن التعديلات المقترحة على قواعد الاختصاص الاستثنائية لا تحقق الأثر المرجو في مكافحة الفساد، مشددة على ضرورة مراجعتها بشكل يتيح ملاحقة المسؤولين بغض النظر عن مناصبهم أو رتبهم الوظيفية. كما اعتبرت أن المشروع الحالي لا يتماشى مع متطلبات الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي تدعو إلى إيجاد توازن بين الامتيازات القضائية وفعالية تطبيق القانون.
وفيما يتعلق بالمادة 265، رحبت الهيئة بإمكانية المطالبة بالحق المدني أمام محكمة النقض، لكنها انتقدت غموض النص وعدم وضوح حقوق الطرف المدني أثناء التحقيق أو المحاكمة، مما قد يفتح الباب لتفسيرات تحد من فعالية هذا التعديل وتؤثر على شفافية المسطرة القضائية.
وكما سلطت الهيئة الضوء على إشكالية احتساب آجال التقادم في القضايا الخاضعة للاختصاص الاستثنائي، محذرة من أن عدم تحديد مدة التقادم بشكل دقيق قد يؤدي إلى إسقاط القضايا قبل اتخاذ قرار المتابعة. وأكدت على ضرورة إلزام الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بأجل محدد للبت في هذه القضايا.
وانتقدت الهيئة النقص التشريعي في ما يخص تجميد وحجز العائدات الناتجة عن جرائم الفساد، مشيرة إلى أن الإطار القانوني الحالي لا يمنح النيابة العامة أو قاضي التحقيق صلاحيات واضحة لتجميد الأموال المشبوهة أثناء التحقيق، مما يعطل استرجاع الأموال المنهوبة.
كما اعتبرت أن غياب ضوابط قانونية واضحة يتيح إمكانية إساءة استخدام الأصول المجمدة، ويحد من فعالية التحقيقات. وانتقدت غياب نصوص قانونية تلزم المؤسسات المالية بالتعاون مع السلطات القضائية وتقديم المعلومات المطلوبة دون التذرع بالسر المهني.
وفي هذا السياق، دعت الهيئة إلى إنشاء مؤسسة عمومية تحت إشراف وزارتي العدل والمالية تتولى إدارة عمليات الحجز والمصادرة لضمان فعاليتها.
وأشادت الهيئة بالتوجه نحو تثبيت مبدأ إطلاع الرأي العام على القضايا الجنائية، إلا أنها رأت أن الصيغة المعتمدة في المشروع تحد من تفعيل هذا المبدأ بسبب حصره ضمن سلطة النيابة العامة دون آليات إلزامية واضحة.
ودعت الهيئة إلى تدقيق التعديلات المقترحة بحيث يصبح إطلاع الرأي العام إلزامياً في القضايا التي تهم المجتمع أو للحفاظ على النظام العام، مع ضمان تقديم تحديثات منتظمة في القضايا التي تستمر لفترات طويلة.
وخلصت الهيئة إلى أن تعزيز الشفافية في القضايا الرائجة أمام المحاكم يتطلب تقوية ضمانات إطلاع الرأي العام، معتبرة أن ذلك من شأنه أن يرفع من ثقة المواطنين في النظام القضائي ويساهم في تعزيز نزاهته وفعاليته.