انتفضت الأحزاب السياسية ضد ما أسموه سياسة الحكومة الضعيفة أمام ارتفاع الأسعار، حيث نبه نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم و الاشتراكية، الحكومة من الاستمرار في إلصاق لهيب الأسعار الى الوضع الدولي وتصحيح السياسات الاجتماعية، فيما دعا حزب الحركة الشعبية حكومة أخنوش الى التخلص مما أسموه من منطق الاستقواء، داعيا إلى إعادة النظر في السياسات الاجتماعية الممنهجة، مع توحيد برامج وصناديق الدعم الاجتماعي، وسجل الحزب أن المغرب يعيش وضعية اقتصادية واجتماعية صعبة في ظل معالم الجفاف التي تطبع المرحلة.
وشدد نبيل بنعبد الله ، قائلا ” اليوم أسعار ليصانص ب 14 درهم والطماطم ب 12 درهم ونحن على أبواب رمضان ولا ندري إلى أين سيصل ارتفاع مستوى الأسعار لا بالنسبة للمحروقات ولا بالنسبة للمواد الغذائية”، مضيفا ” نعترف للحكومة أن الظروف صعبة والله يكون في العون، لأن هناك ظروف دولية وجفاف تعيشه البلاد لولا التساقطات المطرية الأخيرة”.
و تتوقع المندوبية السامية للتخطيط استمرار ارتفاع الأسعار إلى مستويات عالية خلال العام الجاري، مبرزة أن التأثيرات الخارجية والجفاف عوامل قد تؤدي إلى زيادة عدم اليقين بشأن نسبة التضخم على المستوى الوطني، حيث ترى مندوبية التخطيط أن مخاطر التضخم على المستوى الوطني تبقى غير مؤكدة على المدى القصير، مشيرة في مذكرة أصدرتها بعنوان “تطور التضخم بالمغرب”، إلى أنه من المرجح أن يؤدي ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة والأزمة في منطقة البحر الأسود إلى جانب الارتفاع المهول في أسعار البرميل التي وصلت إلى حوالي 140 دولارا للبرميل الواحد، إلى بلوغ معدل التضخم خلال سنة 2022 مستويات عالية نسبيا.
و بلغ التضخم، وفق مؤشر الأسعار عند الاستهلاك، أعلى مستوى له خلال شهر فبراير 2022 بنسبة 3,6 في المائة على أساس سنوي، مُرجعة هذه الزيادة بشكل رئيسي إلى ارتفاع مؤشر المنتجات الغذائية بنسبة 5,5 في المائة والمنتجات غير الغذائية بنسبة 2,5 في المائة.
وفي ما يتعلق بالمنتجات الغذائية، أبرزت المندوبية أن الزيادة في الأسعار بدأت في يناير 2021 بمعدل 1,8 في المائة للزيوت والدهون لتصل إلى 13,7 في المائة خلال شهر فبراير 2022، وشهد سعر الخبز والحبوب، وفق مذكرة المندوبية، تسارعا ملحوظا منذ شهر شتنبر 2021؛ إذ بلغ 5,0 في المائة قبل أن يصل إلى 13,2 في المائة في فبراير 2022، أما على مستوى المنتجات غير الغذائية، فتم، حسب المندوبية، تسجيل أكبر زيادة على مستوى الوقود بزيادات متتالية منذ شهر أبريل 2021؛ إذ تجاوز سعر الغازوال في المضخة 11 درهما للتر الواحد، كما وصلت نسبة الزيادة في فبراير إلى 22,0 في المائة على أساس سنوي.
واشارت المندوبية، إلى أن التسارع الذي شهده مؤشر الأسعار عند الاستهلاك منذ بداية عام 2022 وصل إلى مستوى 3,3 في المائة خلال الشهرين الأولين من عام 2022 مقارنة بالشهرين الأولين من عام 2021، وأوضحت أن ذلك نتج بشكل أساسي عن ارتفاع مؤشر المنتجات الغذائية بنسبة 4,9 في المائة وغير الغذائية بنسبة 2,4 في المائة.
و سجلت ارتفاعا كبيرا في الأسعار، أبرزت المندوبية أن هذه الزيادات همت على الخصوص “الزيوت والدهون” بنسبة 14,2 في المائة، و”الخبز والحبوب” بنسبة 11,5 في المائة، و”الخضار” بنسبة 4,5 في المائة، و “اللحوم” بنسبة 4,1 في المائة.
و أفادت المندوبية بأن أسعار “الفاكهة” و”الأسماك” سجلت انخفاضا بلغ 5,4 في المائة و1,0 في المائة على التوالي، أما بالنسبة للمنتجات غير الغذائية، فقد هم الارتفاع أساسا أسعار “المحروقات” بنسبة 20,1 في المائة و”التبغ” بنسبة 3,5 في المائة.
من جهته حذر نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم و الاشتراكية، من أن هناك من يريد أن يلصق ارتفاع الأسعار بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، وخاصة الحكومة التي تقول إن هذه الظروف موضوعية، مؤكدا أنه على الحكومة تحمل مسؤوليتها في ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، واللذان وصلا لدرجة خطيرة، وتابع ” حتى المؤسسات الرسمية وعلى رأسها بنك المغرب تقول إن مستوى التضخم سيصل إلى 5 في المائة، علما أن هذه النسبة كانت تتراوح في السنوات التي مضت بين 1 و 1.5″.
وشدد أن الحكومة مطالبة بالتدخل وأن لا تكرر في كل مرة أن هذه الأوضاع موضوعية، خاصة أنها تقول إنها حكومة سياسية قوية، وأشار بنعبد الله أن الحكومة لها إمكانيات وأدوات كثيرة يمكن أن تستعملها لضبط ارتفاع الأسعار وإيقاف نزيف تدهور القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات.
و هاجم حزب الحركة الشعبية طريقة تدبير الأغلبية الحكومية الجديدة، معتبرا أنها أعادت أشكال الهيمنة الحزبية “بتمظهرات جديدة بمبرر عددي ودون مضمون سياسي”، داعيا أخنوش إلى مراجعة منطق الاستقواء “تحصينا لمغرب المؤسسات”، وفي بيان صادر عن مجلسه الوطني، ، أكد الحزب أنه أجرى تقييما موضوعيا لحصيلة نصف سنة من عمل الحكومة، معتبرا أنها طبعت بالهيمنة التي من شأنها المس بجوهر التعددية السياسية الحقة لحساب قطبية حزبية مرتبطة بلحظة انتخابية عابرة، وغير قادرة على ترجمة مختلف الحساسيات الفكرية والسياسية التي تخترق المجتمع بأجياله.
و طالب الحزب مكونات الأغلبية الحكومية بتصحيح المسار في بدايته وذلك بـ “الخروج من دهشة البداية التي أضحت مع الأسف بنيوية ووظيفية في أدائها، وذلك عبر بناء استراتيجية تواصلية محكمة، ونهج الواقعية والصراحة حول الأفق الممكن المحكوم بظرفية اقتصادية واجتماعية ناجمة عن إكراهات الأزمة الوبائية والجفاف وموجة غلاء الأسعار غير المسبوقة، وعن هشاشة الاقتصاد الوطني البنيوية وغير القادر على استيعاب الوعود الانتخابية السخية” .
و دعا الحزب الحكومة ومختلف المؤسسات العمومية إلى إعادة النظر في السياسات الاجتماعية الممنهجة، مع توحيد برامج وصناديق الدعم الاجتماعي، وسجل الحزب أن المغرب يعيش وضعية اقتصادية واجتماعية صعبة في ظل معالم الجفاف التي تطبع المرحلة، مع ما يرتبط بذلك من أزمة الماء وغلاء أسعار المحروقات والأسمدة والأعلاف ومختلف المواد الغذائية والخدمات والانعكاسات المترتبة عن ذلك على القدرة الشرائية للمواطنين والأوضاع الاجتماعية لساكنة المناطق القروية والجبلية وهوامش المدن.