في مشهد مهيب غلّفه الحزن والانضباط، ودّعت القيادة الجهوية للدرك الملكي بسوس ماسة، مساء السبت، أحد عناصرها برتبة مساعد، بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بإصابته البليغة، إثر واقعة دهس مروّعة تعرّض لها خلال أداء واجبه المهني بمركز جماعة إيموزار إداوتنان.
الفقيد، الذي كان يُمارس مهامه في إطار دورية لمراقبة السير والجولان، تعرّض يوم 8 يونيو الجاري لصدم مباشر من طرف إحدى الدراجات النارية، ضمن مجموعة من الشبان اقتحموا حاجزًا أمنياً بسرعة جنونية، غير آبهين بتعليمات عناصر الدرك، في سلوك وصفه شهود عيان بـ”المتهور والعدواني”.
وقد أقيمت للراحل جنازة عسكرية رسمية بالمستشفى العسكري بالدشيرة الجهادية، حضرها إلى جانب عائلته المفجوعة، القائد الجهوي للدرك الملكي، والوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بأكادير، وعدد من المسؤولين العسكريين والمدنيين، في لحظة جمعت بين الألم والاعتزاز بما قدّمه الفقيد من تفانٍ في خدمة أمن المواطنين.
عقب الحادث، تحركت عناصر الدرك بسرعة لتحديد هويات المعتدين، ونجحت في توقيف اثنين منهم بعد تحقيقات دقيقة قادتها سرية أكادير، ليتبين أن الأمر لم يكن تصرفًا فردياً، بل سلوكًا جماعيًا مدبّراً يعكس تهورًا خطيراً باتت تعرفه بعض الفئات الشابة من مستعملي الدراجات النارية، والتي تشكّل هاجسًا حقيقياً للسلامة الطرقية بالمنطقة.
وقد قرر الوكيل العام متابعة المتهمين في حالة اعتقال، بتهم ثقيلة تشمل محاولة القتل العمد، والإيذاء العمدي، وعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، ليتم إيداعهما السجن المحلي بأيت ملول في انتظار استكمال مجريات التحقيق.
وتأتي هذه الواقعة المؤلمة لتسلّط الضوء مجددًا على واقع الدراجات النارية في الأوساط القروية والحضرية، وما يصاحبها أحيانًا من مظاهر الفوضى والتهور، حيث تحوّلت في عدد من الحالات إلى أدوات إزعاج، بل وإجرام، في غياب وعي جماعي بخطورة السلوكيات المرتبطة بها.
وفي الوقت الذي خيّم فيه الحزن على الوسط الدركي وسكان إيموزار، علت دعوات بضرورة تشديد المراقبة على مستعملي الدراجات، وتوفير شروط أكثر صرامة للردع، حتى لا يتكرر سيناريو دركي فقد حياته وهو يؤدي واجبه، بكل إخلاص وهدوء.