سلّط تقرير مطوّل نشرته مجلة جون أفريك الفرنسية الضوء على صعود نسائي لافت في المشهد السياسي المغربي، من خلال خمس شخصيات نسائية بارزة اعتبرتهن المجلة في “قلب السلطة”، مؤكدة أنهن يملكن من التأثير والتجربة ما يؤهلهن للعب أدوار حاسمة خلال الاستحقاقات التشريعية المرتقبة سنة 2026.
التقرير لم يكتف بتشخيص واقع مشاركة المرأة في السياسة المغربية، بل فتح الباب أمام سيناريوات مستقبلية، أبرزها احتمال ترؤس فاطمة الزهراء المنصوري للحكومة المقبلة، في حال تصدُّر حزب الأصالة والمعاصرة للانتخابات.
المنصوري.. “النخبة القادرة على فرض سلطتها”
وضع التقرير المنصوري في مقدمة الشخصيات النسائية المرشحة للعب دور مفصلي في الانتخابات القادمة، مشيرا إلى أنها تمثل “النخبة المنحدرة من العائلات المغربية الكبرى، القادرة على فرض سلطتها”. المنصوري، وهي وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، تشغل أيضا منصب عمدة مراكش، ما يمنحها موقعا تنفيذيا مزدوجا بين المركزي والمحلي.
مجلة جون أفريك لم تستبعد إمكانية تعيين المنصوري رئيسة للحكومة من طرف جلالة الملك محمد السادس، في حال ظفر حزبها بالمرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة. واعتبرت أن “هذه الفرضية تزداد واقعية يوما بعد يوم”، خصوصا في ظل الدينامية التي تشهدها قيادة الحزب، وتصريحات المنصوري التي عبرت فيها عن طموح واضح لقيادة ما سمته “حكومة المونديال”.
كفاءة اقتصادية ورؤية هادئة: نادية فتاح العلوي
في المرتبة الثانية من حيث التأثير، وضعت المجلة نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، التي وصفتها بأنها “تجسيد لشرعية الكفاءة المحضة”. من أول امرأة تتولى هذا المنصب الاستراتيجي في تاريخ المغرب، إلى مهندسة لصفقات مالية كبرى في القارة الإفريقية، استطاعت العلوي أن تثبّت حضورها بهدوء بعيداً عن الضجيج السياسي. التقرير أشاد بقدرتها على تجاوز محاولات تهميشها ضمن “واجهة نسائية”، معتبرًا أنها تردّ على ذلك عبر التركيز على الإصلاحات الجوهرية.
نائلة التازي.. القوة الناعمة المغربية
الوجه الثالث الذي توقف عنده التقرير هو نائلة التازي، المنتجة الثقافية ورئيسة لجنة الخارجية بمجلس المستشارين. المجلة رأت فيها تجسيدا للقوة الناعمة، اعتمادا على شبكة علاقاتها في ميادين الثقافة والدبلوماسية، خاصة في أمريكا الشمالية. التازي، التي صنعت اسمها عبر مهرجان كناوة، تواصل تموقعها السياسي في مشهد متعدد الواجهات بين الثقافة والتشريع.
نبيلة منيب.. صوت القطيعة والراديكالية الأخلاقية
أما نبيلة منيب، الأمينة العامة السابقة للحزب الاشتراكي الموحد، فحافظت على موقعها كشخصية سياسية مثيرة للجدل بفضل خطابها الراديكالي والمواجه للسياسات الاقتصادية الليبرالية.
التقرير وصفها بأنها “صوت أخلاقي نادر”، رغم تراجع حضورها الإعلامي، مبرزا أنها لا تزال تحظى بدعم جزء مهم من قواعد اليسار المغربي، خصوصا في الأوساط الجامعية والنقابية.
بشرى ريجاني.. التأثير الصامت في الدبلوماسية الثقافية
الاسم الأخير في القائمة هو بشرى ريجاني، رئيسة شركة WeMake، التي اختارت المجلة تقديمها كشخصية ذات “تأثير صامت ولكن حقيقي”. التقرير ركز على دورها في دعم التعليم والمواطنة في المغرب، إلى جانب نشاطها في الدبلوماسية الثقافية، خصوصا تجاه فرنسا وأوروبا، رغم قلة ظهورها الإعلامي.
نحو مرحلة سياسية جديدة؟
يأتي تقرير جون أفريك في وقت يشهد فيه المشهد السياسي المغربي بداية التعبئة للانتخابات المقبلة، وسط مؤشرات على تزايد الحضور النسائي في مواقع القرار، ليس فقط كرمز للتنوع، بل بوصفه خيارا استراتيجيا مدعوما بالكفاءة والتجربة السياسية والإدارية. التقرير، وإن كان صادرا من مجلة دولية، يعكس تحولا عميقا في تمثلات القوة داخل النخبة المغربية، حيث لم تعد الأدوار الحاسمة حكرا على الرجال.