قبل أسابيع قليلة من انطلاق النسخة الأولى الموسعة من كأس العالم للأندية على الأراضي الأمريكية، يجد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) نفسه في موقف محرج وغير مألوف: مدرجات فارغة، واهتمام جماهيري باهت، في بلد يستضيف واحدة من أكبر رهانات الفيفا على الإطلاق.
في التفاصيل، كشفت وسائل إعلام فرنسية، من بينها صحيفة Foot Mercato، أن مبيعات التذاكر لم ترتقِ إلى الحد الأدنى من توقعات المنظمين. حتى ملعب “هارد روك” الشهير في ميامي، والذي يتسع لأكثر من 65 ألف متفرج، لم يُبع فيه سوى 20 ألف تذكرة لإحدى المباريات المنتظرة، وهو رقم صادم بالنظر إلى حجم البطولة والمشاركين فيها.
في ظل هذا الوضع، لم تجد “فيفا” خياراً سوى التحرك سريعاً. العنوان العريض: عروض ترويجية غير مسبوقة. إحدى أبرز هذه الخطوات كانت شراكة مع كلية “ميامي دايد”، حيث أُطلق عرض مثير: اشترِ تذكرة بـ20 دولارًا واحصل على أربع تذاكر مجانية. عمليًا، أصبحت تكلفة المقعد الواحد تعادل ثمن كوب قهوة – حوالي 3.50 يورو.
لكن المسألة لم تتوقف عند العروض المجانية. قررت “فيفا” إعادة هيكلة كاملة لأسعار التذاكر، فأدخلت نظام “التسعير الديناميكي”، الذي يربط السعر مباشرة بالطلب. وكانت النتيجة دراماتيكية: التذكرة التي كانت تُباع بـ306 يورو قبل أشهر، أصبحت الآن بـ50 يورو فقط. خصم مذهل بنسبة 84% لم يشمل فقط المباريات العادية، بل حتى نصف النهائي والنهائي.
الهدف من هذه الخطوات واضح: تفادي كارثة دعائية قد تلاحق البطولة طويلاً، خصوصًا أن هذه النسخة تُعدّ اختبارًا مهمًا قبل استضافة الولايات المتحدة لكأس العالم 2026. كما أن غياب الجمهور عن مدرجات مباريات كبرى – ربما بين فرق مثل مانشستر سيتي أو يوفنتوس في مواجهة فرق عربية كالعين الإماراتي أو الوداد المغربي – سيكون بمثابة صفعة قوية لصورة الفيفا في السوق الأمريكي.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح “فيفا” في تحويل اتجاه البوصلة الجماهيرية في الوقت الضائع؟ أم أن الثقافة الكروية في أمريكا لا تزال غير جاهزة لاستقبال مهرجانات الكرة العالمية، رغم كل الإغراءات.