منذ شهرين، تعيش جامعة كولومبيا في نيويورك على وقع تطورات الحرب في غزة، مع بيانات نارية وعرائض مضادة وعقوبات مفروضة على مجموعات طالبية مؤيدة للفلسطينيين تشك ل موضع نقاش في أجواء يسودها التسييس إلى حد كبير لدرجة أن أساتذة باتوا يعربون عن قلقهم على حرية التعبير.
وبات مشهد طلاب يرفعون الأعلام الفلسطينية ويتشحون بالكوفيات في تظاهرات مطالبة بوقف إطلاق النار في القطاع، مألوفا في حرم الجامعة في مانهاتن.
ومنذ بداية الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إثر هجوم غير مسبوق شنته حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، قضى نحو 18800 شخص في غزة إثر القصف الإسرائيلي على القطاع، وفق أرقام الحركة.
ويرفع الطلاب شعار “فلسطين حرة من البحر الى النهر” الذي يرى فيه البعض دعوة لإزالة دولة إسرائيل، بينما يراه آخرون نداء لتحرير الفلسطينيين.
وعلى هامش تظاهرة نظمت الإثنين، احتشدت مجموعة صغيرة مؤيدة لإسرائيل حاملة أعلام الدولة العبرية وحليفها الأميركي وسط موسيقى صاخبة.
منذ هجمات حماس التي أودت بحياة نحو 1140 شخص في إسرائيل، أغلبيتهم من المدنيين، وفق آخر الأرقام الإسرائيلية، لم تسلم من السجالات هذه الجامعة الخاصة العريقة في الولايات المتحدة المعروفة بتظاهرات طلابها سنة 1968 ضد الحرب في فيتنام والتمييز العرقي.
والنقاشات بشأن النزاع في الشرق الأوسط ليست حديثة العهد في الحرم الجامعي حيث قد م المفكر الفلسطيني الأميركي إدوارد سعيد محاضرات.
في العام 2020، أفضى استطلاع لآراء الطلاب إلى تصويت لمقاطعة إسرائيل. ورفضت رئاسة جامعة كولومبيا التي يربطها برنامج تبادل بجامعة تل أبيب، نتائج التصويت.
وباتت اليوم مجموعات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين ت تهم بتغذية الكراهية إزاء اليهود، وهي اتهامات تدحضها، وتوج ه في المقابل اللوم للجامعة على تحي زها لإسرائيل، الأمر الذي تنفيه الإدارة بدورها.
ويقر جوزيف هولي الأستاذ “اليهودي الأميركي” المحاضر في الأدب الكلاسيكي والذي يؤي د مقاطعة إسرائيل بأن “حالة الانزعاج” في أوساط الكادر الجامعي “بلغت مستويات غير مسبوقة”.
وبعد تظاهرات متشنجة تواجه فيها الطرفان، علقت أنشطة جمعيتين للطلاب المؤيدين للفلسطينيين في تشرين الثاني/نوفمبر لانتهاكهما النظام العام، لا سيما خلال تجمع “تخلله خطاب مشحون بالتهديد والتخويف”، وفق إدارة الجامعة.
ويكشف جاك هالبرستام الأستاذ المحاضر في اللغة الإنكليزية والدراسات حول النوع الاجتماعي بأنه لم يشهد يوما “جهودا كهذه للمساس بحرية التعبير” في جامعة كولومبيا.
وهو يرى أن صرامة الإدارة مرد ها خشيتها من اتهامها بتأجيج معاداة السامية، فضلا عن ضغوط الجهات المانحة.
وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر، أعربت لورا روزنبري، رئيسة برنارد كولدج، وهي جامعة للنساء تابعة لمؤسسة كولومبيا الجامعية، عن “الاستياء والحزن إزاء انتشار معاداة السامية ومعاداة الصهيونية” في الحرم، منددة في الوقت عينه بـ “خطاب معاد للفلسطينيين وللمسلمين”.
لكن جاك هالبرستام يرى أن الالتباس بين “معاداة الصهيونية ومعاداة السامية” يجعل “النقاش شبه مستحيل”.
ويضيف “إذا لم يكن في وسعنا انتقاد دولة تنفذ عمليات عسكرية غير شرعية على امتداد الحدود ضد مدنيين، نكون قد دخلنا في حقبة جديدة