بعد سنوات من التراجع الانتخابي، يستعد حزب العدالة والتنمية، الذي كان يوماً القوة السياسية الأولى في المغرب، لعقد مؤتمره الوطني التاسع يومي 26 و27 أبريل 2025، في مدينة بوزنيقة، حيث يُتوقع أن تُفرز صناديق الاقتراع الداخلية قيادة جديدة قد تعيد تشكيل مسار الحزب في ظل متغيرات سياسية إقليمية ووطنية.
المؤتمر المرتقب، الذي يجري التحضير له منذ عدة أشهر، يأتي في وقت يتطلع فيه الحزب إلى ترميم صفوفه وتوحيد رؤيته، بعد الإخفاق الكبير في الانتخابات التشريعية لسنة 2021، والتي أسفرت عن فقدانه للغالبية البرلمانية وخروجه من المشهد الحكومي.
في ندوة صحافية عُقدت في الرباط الأربعاء، شدد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، على أن التحضير يتم بـ”روح جماعية” تشمل البعدين السياسي والتنظيمي، في محاولة لضمان مؤتمر “شفاف وجامع”، بحسب تعبيره.
وقال الأزمي إن اللجنة التحضيرية، المكونة من عدد من القيادات البارزة مثل مصطفى الخلفي، عبد العزيز عماري، وجامع المعتصم، تسعى إلى “ضمان شروط النجاح السياسي واللوجستي والتنظيمي”، مضيفاً أن البرنامج التحضيري عرض على الأمانة العامة في مارس الماضي.
ومن المتوقع أن تكون المحطة المقبلة لحزب “المصباح” – كما يُطلق عليه محلياً – أكثر من مجرد تمرين داخلي؛ إذ تُقرأ في الرباط على أنها لحظة حاسمة في إعادة التموضع السياسي قبيل الانتخابات الجماعية والتشريعية لسنة 2026. وهي انتخابات قد تُحدد بشكل كبير ما إذا كان الحزب سيتمكن من استعادة بعض من نفوذه الذي خسره خلال السنوات الأخيرة، أو ما إذا كان سيتحول إلى قوة سياسية متوسطة بحضور برلماني محدود.
يقول محللون إن المؤتمر سيواجه تحديات كبيرة، ليس فقط في ما يتعلق بالاختيار القيادي، ولكن أيضاً في صياغة خطاب جديد يُقنع القواعد والمجتمع، خاصةً في ظل التنافس المتزايد من أحزاب وسطية وبراغماتية، مثل التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة الحالية.
وقد انتخب الأزمي بنسبة ساحقة لرئاسة اللجنة التحضيرية، في دورة استثنائية للمجلس الوطني عُقدت في يناير تحت اسم “دورة طوفان الأقصى”، وهو ما يشير إلى المزج الدائم في خطاب الحزب بين البعد السياسي الوطني والهمّ القومي أو الإسلامي الأوسع، وهو عنصر لطالما كان جزءاً من هوية الحزب وخطابه التعبوي.
كما تم انتخاب جامع المعتصم، أحد أبرز المقربين من القيادة السابقة، رئيساً للمؤتمر، ما يُشير إلى رغبة في الحفاظ على قدر من الاستمرارية المؤسساتية، حتى مع إمكانية بروز أسماء جديدة قد تتولى الأمانة العامة للحزب.
ويرى مراقبون أن المؤتمر لا يتعلّق فقط بوجوه جديدة أو توزيع داخلي للمناصب، بل يرتبط أكثر بإعادة تعريف مشروع الحزب في مرحلة ما بعد “النكسة الانتخابية”.