كشف محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام ، أن الفساد في المغرب نسقي وبنيوي وأخذ طابعا معمما، وذلك بسبب غياب الديمقراطية، وأوضح الغلوسي خلال ندوة نظمها حزب فيدرالية اليسار ، أن الفساد والرشوة والريع، باتت وسائل أساسية لضبط المجتمع، فالفساد لم يكن منفصلا عن إشكالية الديمقراطية، حيث يتزايد ويتسع في بلدان الاستبداد لأنه أداة رئيسية للتدبير العمومي.
ولفت إلى أن كل القوى الديمقراطية بالمغرب تواجه بطريقتين، الأولى كانت بأسلوب القمع المباشر وأنشئت مراكز للتعذيب من أجل ذلك، والثانية بفتح “الصنبور” لتستفيد كيفما تشاء، وبذلك يتم ترويض النخب وتهميش المطالبين بديمقراطية حقيقية.
وسجل رئيس جمعية حماية المال العام أنه وأمام تراجع القوى الديمقراطية وتفشي الهشاشة السياسية، تراجع النقاش حول جملة من القضايا مثل “الملكية البرلمانية”، وأصبحت تنظيمات المجتمع المدني والصحافة ضحية لهذا التراجع، وبات الفاسدون يحسون بالأمان ويعبرون عن أنفسهم دون خوف.
ولفت الغلوسي إلى أن قوى الفساد تعمل على التضييق على الصحافة والنشر، من أجل تعميم الخوف والتوطين للفساد، فهذه القوى بعدما تراجعت للوراء قليلا في 20 فبراير، عادت و استجمعت قواها وبدأت اليوم تعبر عن نفسها بوضوع وتشرع لحماية مصالحها، و تعمق السلطوية، وترفع صوتها من داخل المؤسسات التمثيلية للإقسام بعدم تمرير المادة 3 والمادة7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية.
واعتبر الغلوسي أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي ليتحدث بهذه الطريقة فمعناه أنه ومن معه حصلوا على ضوء أخضر للحديث بهذه الصيغة، ما يعكس أن لوبي الفساد يشعر بالقوة والأمان ولا ضير أن يعلن عن نفسه في مواجهة المجتمع و الافراد والجمعيات والانقضاض حتى على النيابة العامة والمساس باستقلاليتها، فضلا عن تحويل المؤسسات لهيئات صورية، كهيئة النزاهة ومجاس المنافسة.
وسلط الغلوسي الضوء على وجود أصوات على مواقع التواصل الاجتماعي هي امتداد لأرضية نشر الخوف والتضييق على المنتقدين باستخدام التشهير الذي لا يتم مواجهته كما يتم مواجهة مدونين اخرين.
وإلى جانب تقييد النيابة العامة وجعلها تابع. لجهات إدارية كالمفتشية العامة للداخلية والمالية ومجلس الحسابات، فإن هناك سعيا اليوم لإقبار أقسام جرائم المال العام، وهو ما يعكس حجم تغول الفساد، ما يتطلب اليوم التكتل لمواجهته.
و قال عز الدين أقصبي عضو جمعية “ترانسبرانسي المغرب”، خلال ندوة نظمها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن الفساد في المغرب، بات نظاما في تدبير الشأن العام، إلى جانب توأميه الرشوة والريع، وأكد أقصبي أن الفساد عام ومعمم، ولديه طابع بنيوي، وله خطورة كبيرة على المؤسسات، بداية من الانتخابات والمؤسسات التي تنتج عنها، وصولا إلى مؤسسات الرقابة والقضاء وغيره، كما أن الفساد يتخلل كل القطاعات، وأوضح المتحدث أن الخلاصة التي توصل لها بعد أزيد من ربع قرن من العمل في موضوع الفساد، هي غياب إرادة سياسية حقيقية لاستعمال القوانين والمؤسسات التي يمكن أن تطور الشفافية وإمكانية محاربة الفساد.
واستشهد أقصبي بجملة من القوانين التي جاءت في إطار محاربة الفساد، لكن تم إفراغها، كما هو شأن قانون الوصول إلى المعلومة الذي أدخلت عليه استثناءات جعلت القانون بلا فائد، إضافة إلى قوانين التصريح بالممتلكات وغيرها، التي لا صلاحية لها.
وأضاف عضو “ترانسبرانسي” أن المغرب بات فيه نظام فساد يستعمل في تدبير الشأن العام، إلى جانب الرشوة والريع، حيث إن اقتصاد الريع موجود في جميع الميادين من البحر للرمال للعقار وغيرها.
واعتبر أقصبي أنه اليوم لا المجتمع المدني ولا الاقتراحات ولا الدراسات يمكن أن تعطي الإضافة، ما لم تكن قوة اجتماعية وسياسية داعمة لمحاربة الفساد، مؤكدا أن كلفة الفساد تفوق 50 مليار درهم التي تحدثت عنها هيئة النزاهة، وتوقف المتحدث على تقهقر المغرب في مؤشر ملامسة الرشوة منذ 2012، حيث تقتصر المحاربة على الخطابات والكلام، في حين أن المؤسسات لا تشتغل وليست لها الإمكانيات لذلك، وبين أقصبي أن مما يعكس غياب الإرادة السياسية، أن الدستور يعطي صلاحيات لا تحصى بدون إمكانية تقديم الحساب، كما أن الإصلاحات والسياسات العمومية الكبرى والهيكلية تتن خارج المؤسسات.