قال وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات إن الحكومة غير معنية بالتشغيل ولم تعد قادرة على تشغيل المواطنين. كلمة حق أريد بها باطل، فمن جهة الحكومة لا يمكن أن تشغل أحدا ما دامت قد جاءت بوزراء إلى الشغل. فالوزير هنا لا يفرق بين التشغيل كحق للمواطنين ومسؤولية الدولة، وبين التوظيف في القطاع العام.
ينص الفصل 31 من الدستور على أن “الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، والشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي، والحق في العمل، وولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق، والتوظيف في الخدمة المدنية”.
الوثيقة الحاكمة على المغاربة والتي تعتبر أسمى وثيقة يرجع إليها المغاربة عند اختلافهم، تفيد بالوضوح أن الدولة هي الضامنة للشغل، وبما أن الحكومة أحد مؤسسات الدولة فهي الأداة لتدبير هذا الموضوع.
الوزارة التي يوجد على رأسها الوزير يونس السكوري، الذي قال ما قال أمام البرلمان، تم توسيع عناوينها مما يجعل كلام الوزير صادر عن شخصية لا تعرف عن ملف الوزارة شيئا. نعرف جيدا أن الوظيفة العمومية محكومة بمناصب الشغل، ونعرف أن وزارة الشغل معنية بتدبير الشغل، لكن التشغيل أكبر من الوظيفة العمومية.
ماذا يفهم الوزير من الادماج الاقتصادي؟ ما هو مفهومه للمقاولة الصغرى؟ ماذا يقصد بالشغل؟ وأي موقع للكفاءات في وزارته؟
الوظيفة العمومية، عكس ما يفهم الوزير، هي جزء من التشغيل وليست كل التشغيل. فقد قيل إن الحكومة الحالية هي حكومة كفاءات. لكن لا نعرف ما هو دور الكفاءات إن لم تكن قادرة على التفكير في المشاريع الكبرى والمتوسطة والصغرى لخلق الثروة ومناصب الشغل؟
فدور الحكومة ليس طبعا أن تجد عملا لكل مواطن، لكن أن تعمل على تأمين الفرص لكل المواطنين. فالحكومة ملزمة بالبحث عن المشاريع، التي ينخرط فيها المواطنون أصحاب الأفكار وبدعم من الأبناك من أجل إنجاح المشاريع المذرة للدخل، والتي يمكن تصريفها إلى مناصب شغل، وبالتالي تكون الحكومة عبر هذا العمل قد قامت بتشغيل المواطنين.
الوزير لا يفهم هذا الأمر، ولا يميز بين التوظيف والتشغيل، وبهذا الخلط يخلق اللبس لدى المواطنين، وهو لبس قد يدعو إلى الفوضى، التي تساهم فيها الحكومة برمتها، فعدم تأطير تكوين المشاريع في القطاع الخاص، هو مدعاة للفوضى، التي يؤمن بها الوزير عندما قال إن الدولة لن تشغل أحدا.
الدولة مسؤولة عن التشغيل بنص الدستور، والفصل الواحد والثلاثون منه واضح، لكن مستوى تكوين الوزراء اليوم خفيف جدا، لدرجة أنهم لا يميزون بين المفاهيم بشكل مطلق حتى أصبحنا أمام حكومة ملأ الفراغ بدل حكومة الإبداع.