إدريس عدار
أثار عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، العديد من المواضيع المتعلقة بالحريات الفردية في لقاء بالمكتبة الوطنية. أثار موضوع الحريات الفردية والتقدم الذي عرفه المغرب في المجال الاجتماعي وغيرها.
النقاش في حد ذاته مفيد وصحي للغاية ولا يوجد شيء لا يمكن مناقشته.
أثار انتباهي في كلام الوزير نقطتان منهجيتان يمكن أن تترتب عنهما كثيرا من المغالطات. الأولى التعميم والثانية الحصر، وهما مرتبطان أساسا بغياب “المفهمة”. تناول الوزير العديد من القضايا لكن دون تحديد دقيق لها. المفهوم ضروري قبل الانطلاق في التحليل.
إذا لم يتم تحديد المفاهيم سيعرف النقاش تعويما وتعميما لن يساهم سوى في خلق الالتباس واللغط.
ما معنى الحريات الفردية؟ ولماذا يتم حصرها تحديدا في حرية الجسد؟ يعني في العلاقات بين المرأة والرجل وغيرها. قرأت اليوم لصحفي يُحذر من استغلال البعض لمطلب الحريات الفردية ويتم توسيعه إلى حرية المعتقد. ماذا سيقول عبد اللطيف وهبي في هذه النازلة؟ هل سيدافع عن الحريات بما هي حريات أم سينتقي منها “حريات” معينة فقط.
وهبي نفسه لما كان برلمانيا طرح سؤالا على وزير الأوقاف حول شكل من أشكال الاعتقاد، وجاء السؤال محذرا متسائلا عن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للتصدي لهذه الظاهرة. وكان الوزير أكثر لباقة عندما قال إن الأمر يتعلق بانطباعات وليس بتهديد.
اليوم ماذا سيقول وهبي عن حرية المعتقد؟ لماذا تمنح حرية الجنس ولا تمنح حرية المعتقد؟ وهل درس الوزير تداعيات تعويم وتعميم المفهوم؟
يبدو أن الوزير سيجد نفسه في موقف حرج. وذلك لسبب بسيط: هو أنه ليست هناك جدية لمناقشة مواضيع من هذا النوع. الموضوع يحتاج إلى نقاش عميق يتصدى له أهل المعرفة.
تحدث وهبي عن الحداثة والإسلام. وقال إنه لا يوجد تعارض بينهما. فالإسلام لا يعارض الحداثة والحداثة لا تعارض الإسلام.
غير أن الوزير لم يحدد المفهوم مرة أخرى. هل هناك إجماع حول مفهوم الإسلام الذي قدمه الوزير. ولم يحدد مفهوم الحداثة. وعن أي حداثة يتكلم؟ هل يتوفر على مفهوم أصلا للحداثة أم يتحدث عن تاريخ الحداثة، وهو شكل من أشكال السلفية لا تختلف عن سلفية المتدينين؟
لكل واحد فهمه للإسلام، وقد ذكر الوزير ذلك. لكن اعتبر هذا الفهم حصرا هو الصحيح. من يوافقك أيها الوزير على ذلك؟
الدين معطى اجتماعي قبل أن يكون فهما. كيف سيتعاطى الوزير مع ذلك؟
إذا تبنى الوزير مخارج “مدرسة التحسين والتقبيح العقليين” فلن يكون أصلا يف حاجة إلى الحداثة. هل بإمكانه ذلك؟ وبأية أدوات؟
هل ناقش الوزير الكوني والخصوصي. أي معنى للكوني وأي دور للدول القوية في فرض قيمها؟ أي دور للتبعية في سيادة قيم الآخر التي تسمى كونية؟ وهل توجد كونية دون أن تتجسد في الخصوصية؟
المفاهيم ليست لعبة أو جبة يلبسها من يريد أن يبدو تقدميا، لأنها مدخل للفهم والسلوك وقد تكون تأثيراتها عميقة وطويلة الأمد.