من التصنيفات الخطيرة والتي نافسنا بها الأمم أن بلادنا أصبحت الأكثر غلاء في كل شيء، ومن كثرة الهم يضحك الإنسان حتى قال المغاربة إن شخصا ذهب لخطبة فتاة، وتم تحديد المهر في مبلغ معين فطلب والدها زيادة في المهر بمبلغ لا يقل عن مليون سنتيم، فانزعج الشاب من هذا الطلب فرد عليه والدها: علاش أولدي جات حتى لعندنا ووقفات الزيادة. ياك كلشي تزاد.
لم يبق شيء في المغرب لم يرتفع ثمنه، ولا نتحدث هنا عن زيادات ولكن عن أثمنة مرتفعة بشكل فاحش لا مقدور لأحد عليه، حتى انهارت القدرة الشرائية للجميع وانهارت الطبقة الوسطى واندحرت الطبقة التي توجد في أسفل الترتيب، وفئات أخرى دخلت على الجوع المقنع.
والأدهى والأمر أن الغلاء الفاحش مس قطاعات أخرى لها علاقة بالرواج التجاري مثل قطاع الفندقة والمطعمة، مما جعل السائح يفر بجلده من المغرب إلى وجهات أخرى تقدم أسعارا محترمة ومعتدلة توازي فيها المبالغ المالية الخدمات، وما يقع ينذر بكارثة لا قدر الله، لا يمكن التنبؤ بنهاياتها غير السعيدة حتما، مما يتطلب من عقلاء الوطن، وهم كثير وفي كل المؤسسات والمستويات وهم في السياسة كما في الإدارة، أن ينهضوا قبل فوات الآوان، وأن يقولوا كلمة الحق ويوقفوا عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، الذي عزّ عليه أن يرى المغاربة بخير فشرع في إحداث خرم في السفينة وسوف تستسلم من كثرة الضرب وإذا لم يتم وقفه سيتسرب الماء إليها. وتعرفون جميعا ماذا سيقع لو دخل الماء إلى السفينة.
موجة الغلاء الفاحش فاقت الزيادات، التي قد تجد لها بعض المبررات في السوق الدولية، ولكنها تجارة واتجار بالأزمة مثلما يفعل تجار الحروب، وهذا الوضع هو الذي أخرج المغاربة في كافة المدن للاحتجاج على هذا الواقع المزري الذي لا يوجد فيه ناه ولا منته عن المنكر، في ظل حكومة متغلبة مستأسدة على المغاربة بالأغلبية العددية التي تمنحها حق إصدار القرارات والتصويت على القوانين التي تقدمها للبرلمان، مما يجعل الشعب عار من كل تغطية سياسية وما تبقى من المعارضة يتم الضغط عليه إعلاميا بشكل مخيف لا نظير له إلا أيام الجنرال أوفقير. أسكتوا دعونا نخرب البلد.
بعد الرسالة المفتوحة، التي وجهها حزب التقدم والاشتراكية،إلى رئيس الحكومة، في دلالة على انسداد مسالك الحوار، انبرت قيادات وشبيبة الحزب الأغلبي لتكشر عن وجه يقول كل شيء إلا الاستعداد للحوار، معتبرا ذلك خروجا عن الأخلاق والأعراف والقانون، ومعتبرا دعوة الشبيبة إلى التظاهر تحريض على الفوضى، رغم أن الشارع هو حيلة من لا حيلة له.
ومن غرائب الصدف أن الخروج للشارع تلاه خروج أبقار البرازيل المثيرة للجدل للشارع متحولة أيضا محتجة على المنافسة غير الشريفة مع الأبقار المغربية. والله يا أخنوش إن كثرة الهم تضحك لكن قد تبكي يوم لا ينفع ندم.