كشفت دراسة المركز المغربي للمواطنة، أن 89 في المائة من المشاركين غير راضين بشكل عام عن مخطط المغرب الأخضر، و 94 في المائة من المشاركين يرون أن مخطط المغرب الأخضر لم يتمكن من خفض أثمنة المنتوجات الفلاحية، و 86 في المائة من المشاركين يعتبرون أن المخطط لم ينجح في تحسين ظروف عيش ساكنة العالم القروي، و 83 في المائة من المشاركين يعتبرون أن المخطط لم ينجح في تعزيز الأمن الغذائي الوطني، و 75 في المائة من المشاركين يرون أن المخطط لم ينجح في تعبئة مصادر مائية إضافية، و 72 في المائة يرون أن المخطط لم يتوفق في دعم الشباب لإحداث مشاريع في القطاع الفلاحي، و 57 في المائة من المشاركين يعتبرون أنه لم ينجح في خلق فرص شغل إضافية في القطاع الفلاحي، و 56 في المائة يرون أن مخطط المغرب الأخضر لم يتمكن من الرفع من الإنتاج الفلاحي الوطني، و 85 في المائة يرون أن المخطط المغرب الأخضر لم يساهم في الزيادة في كمية المنتوجات الفلاحية المتوفرة في السوق الوطني، و 87 في المائة من المشاركين يعتبرون أن النتائج المحصل عليها في إطار المخطط لا تبرر الأموال العمومية التي صرفت عليه، و 93 في المائة يرون أن المستفيد الرئيسي من مخطط المغرب الأخضر هم الفلاحين الكبار.
وشدت الدراسة، على أنه يمكن إنكار الإنجازات الهامة لمخطط المغرب الأخضر خصوصا مساهمته في تطوير الاستثمار الفلاحي الوطني وتنويع والرفع من الإنتاج الزراعي ومن الصادرات الفلاحية وتنظيم القطاع. في المقابل، تطور وازدهار القطاع الفلاحي الوطني ليس وليد المرحلة الحالية بل انطلق منذ استقلال المغرب، والقول بأنه لولا المخطط لما توفرت المواد الغذائية الضرورية لحياة المواطنين اليومية هو كلام مجانب للصواب وغير موضوعي.
و يظل مخطط المغرب الأخضر سياسة عمومية معرضة للنجاح وللفشل، ولا يجب اعتبار هذا المخطط مقدسًا ومحصنًا عن التقييم والمحاسبة والنقاش العمومي. وأن أي تقييم خارجي له فهو ليس موجها ضد أشخاصا معينين بل من أجل تقييم نجاعة وفعالية واستدامة سياسة عمومية تتلقى تمويلًا عموميا، و تم تناول المخطط المغرب الأخضر في العديد من التقارير والدراسات الأكاديمية والمقالات الصحفية، والتي رصدت مؤشرات متعددة توضح نجاحه وفشله في تحقيق النتائج المتوقعة. وتشمل هذه التقارير أيضًا التقارير الرسمية التي صدرت عن مؤسسات دستورية ووطنية مثل المجلس الأعلى للحسابات والمندوبية السامية للتخطيط. ولوحظ وجود ميل رافض لأي تقرير سلبي يتعلق بالمخطط، بما في ذلك الصادرة عن مؤسسات دستورية، دون تقديم معطيات مقنعة لتبرير هذا الرفض.
و أشرف القطاع الوصي على إنجاز تقييم داخلي لمخطط المغرب الأخضر للفترة من 2008 وإلى 2018. ألا أن المنهجية المعتمدة تشوبها بعض العيوب ولا سيما الاعتماد على التقييم الداخلي بدلاً من التقييم الخارجي المستقل والموضوعي، والاكتفاء بآراء المهنيين المستفيدين بشكل مباشر من دعم المخطط (غرف الفلاحة والتنظيمات المهنية). كما أن التقرير عبارة عن حصيلة مرحلية أكثر منه دراسة تقييمية للمخطط. وبالإضافة إلى ذلك، تختلف السنوات المرجعية المستخدمة في مقارنة التطور من مؤشر إلى آخر، مما يعطي انطباعًا بوجود توجه لاختيار السنة المرجعية التي تظهر تحسنًا أكبر في قيمة المؤشر المعني.
رغم المطالب العديدة بضرورة إنجاز تقييم خارجي مستقل للمخطط، الا انه لم يجد الأذان الصاغية. كما أنه لم يتم تفعيل مجموعة العمل الموضوعاتية التي أحدثها البرلمان سنة 2022 والمكلفة بتقييم مخطط المغرب الأخضر. مما يسائل دور البرلمان في المسائلة المسؤولة والموضوعية للسياسات العمومية.
يتعرض المخطط للانتقاد بسبب توجهه نحو تطوير قطاع فلاحي موجه للتصدير ومستهلك لكميات كبيرة من الماء، دون مراعاة الظروف الطبيعية للمغرب وموقعه في منطقة تعاني من نقص حاد في الموارد المائية وتفاقمه من سنة لأخرى. وبالتالي، فإن قدرة المغرب على التحول إلى دولة فلاحية مصدرة للمنتجات الفلاحية رغم نقص موارده المائية تثير العديد من الأسئلة.
و تواجه القطاع الفلاحي الوطني تحديات جوهرية تتمثل في نقص موارده المائية وتأثره الشديد بالجفاف الذي أصبح ظاهرة بنيوية مستدامة. فعلى الرغم من التقدم التكنولوجي في مجال تحلية مياه البحر والطاقات المتجددة، وباستثناء تشييد محطة تحلية مياه البحر الوحيدة في أكادير الموجهة للسقي، يُعتبر عدم إيلاء المخطط الاهتمام الكافي لتوفير موارد مائية إضافية مستدامة للتخفيف من تأثير الجفاف على القطاع الفلاحي أحد النقط السلبية للمخطط.
من المفارقات التي ميزت مخطط المغرب الأخضر الانتشار الواسع لزراعة البطيخ الأحمر، الذي يتطلب مياه كثيرة، في منطقة ذات مناخ صحراوي تعاني أصلا إشكاليات في توفير المياه المخصصة للشرب.
و أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية أثارت تساؤلًا أساسيًا حول أولويات الأطراف المتدخلة في تنفيذ المخطط. بينما يعتبر منطقيا أن يستهدف المستثمر التصدير لتحقيق ربح أكبر، فقد أثار الموقف الغير المؤثر للحكومة في خفض الأسعار تساؤلات حول فعاليتها وأولوياتها، خصوصا مع تسجيل بعض المواقف الحكومية الداعية لضرورة احترام المصدرين بالتزاماتهم مع الخارج.
و أثارت أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية تساؤلًا أساسيًا حول أولويات الأطراف المتدخلة في تنفيذ المخطط. في حين يُعتبر منطقيًا أن يهدف المستثمرون لتحقيق أرباح أكبر من خلال التصدير، إلا أن الموقف ورد فعل الحكومة في تخفيض الأسعار أثار تساؤلات حول فعاليتها وأولوياتها، خاصة في وجود مواقف حكومية تدعو إلى ضرورة احترام المصدرين لالتزاماتهم مع الجهات الخارجية.
تبرير ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال عام 2022 بسبب الجفاف الذي تعرض له المغرب في نفس العام يفتقد للموضوعية، بحيث كيف يفسر تحقيق أرقام قياسية من العملة الصعبة من خلال تصدير المنتجات الفلاحية خلال نفس السنة.