شدد أحمد رحو رئيس مجلس المنافسة، أن المجلس يوصي بتوحيد المنظومة البيداغوجية للكتاب المدرسي على الصعيد الوطني، خصوصا المواد الأساسية منه، وبوضع برنامج خاص يخول للقطاع العام امتلاك الحقوق الفكرية لهذا الكتاب، داعيا إلى انفتاح أكبر، من حيث النشر والتوزيع، لصالح القطاع الخاص.
وأبرز رحو، في تصريح صحافي عقب اجتماع مع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، خصص لبحث تفعيل توصيات مجلس المنافسة في إطار رأيه حول “سير المنافسة في سوق الكتاب المدرسي”، أن “التقرير الذي قدمه المجلس بخصوص الكتاب المدرسي جاء على إثر إحالة ذاتية على المجلس، الذي أعطى رأيه حول مدى احترام قواعد المنافسة في إصدار وإنتاج الكتاب المدرسي، الذي يعتبر من المواد التي تخضع لدعم الدولة”.
من جهته، قال بنموسى إن هذا اللقاء شكل مناسبة للاطلاع على رأي مجلس المنافسة حول الكتب المدرسية، باعتبارها موضوعا تطرقت له خارطة الطريق 2022-2026، ويرتبط بشكل وثيق بجودة المدرسة العمومية والمناهج وظروف دراسة التلاميذ، وكذلك اشتغال هيئة التدريس.
وبعدما ذكر بعمل اللجنة الدائمة المكلفة بتتبع المناهج التي تشتغل على الكتب المدرسية، أكد الوزير على أهمية الاستماع لرأي مجلس المنافسة بهذا الخصوص، من أجل تأطير عمل اللجنة، وأيضا التدقيق مع المجلس حول التوصيات التي جاء بها، والتي تتوخى تحسين جودة الكتب المدرسية والحرص على إيصال الكتب لكل التلاميذ بأثمنة معقولة.
وكان بلاغ للوزارة أفاد بأن توصيات مجلس المنافسة همت ضرورة إجراء مراجعة جذرية للنموذج الاقتصادي الذي يقوم عليه سوق الكتاب المدرسي مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والمجتمعية للبلاد، ومراجعة الأدوار والمهام المنوطة بالوزارة ذات الصلة بالكتاب المدرسي، وتفعيل إطار قانوني وتنظيمي جديد، فضلا عن جعل إنتاج الكتب المدرسية الموجهة للسلكين الابتدائي والثانوي من اختصاص الدولة باعتباره عملا يؤسس للسيادة الوطنية.
كما دعا المجلس إلى إجراء مراجعة عميقة للمناهج والبرامج المدرسية بإشراك جميع الأطراف المعنية، ومكافحة هدر الموارد المخصصة لإنتاج الكتاب المدرسي، وإرساء سياسة حازمة لإعادة استعمال الكتب المدرسية، بالإضافة إلى بلورة سياسة عمومية تروم تحديث الكتاب المدرسي عبر تأهيله باستمرار.
و فجره تقرير مجلس المنافسة اختلالات بعد إصداره لرأيه الجديد حول سير المنافسة في سوق الكتاب المدرسي، منتقدا احتكار 5 ناشرين فقط في أزيد من 63 في المائة من سوق الكتاب المدرسي منذ عشرين سنة، حيث ظلت حصصهم ثابتة تقريبا طيلة هذه الفترة.
و شدد المجلس على أنه رغم التعدد الظاهر للفاعلين في قطاع إنتاج الكتاب المدرسي فإن مستوى تركيز السوق مازال عاليا، مرجحا أن الاستنتاجات التي خلص إليها في السياق ذاته، سنة 2009، “لم تتغير كثيرا”.
ونبه المجلس في رأي أصدره مؤخرا حول “سير المنافسة في سير سوق الكتاب المدرسي” أن هذا الاحتكار “يخلق وضعيات ريع حقيقية”. مشيرا إلى أن هذا العدد المحدود من الناشرين يعتبرون الكتاب المدرسي منتوجا تجاريا وليس “أداة بيداغوجية”.
ولاحظ المجلس وجود عدة روابط قانونية واقتصادية وأفقية وعمودية بين دور النشر والمطابع والمكتبات. التي تشارك في طلبات العروض المتعلقة بتصميم المقررات المدرسية وإنتاجها، تظل “مواتية لعروض المجاملة بين المتعهدين وتقاسم السوق، لاسيما عبر آلية المناولة”.
و أثار رئيس فريق حزب التقدم والإشتراكية بمجلس النواب رشيد حموني، في سؤال كتابي إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي شكيب بنموسى، “اختلالات سوق الكتب المدرسية شكلا ومضمونا”.
واعتبر النائب البرلماني، أن “الكتاب المدرسي تحول عمليا من أداة بيداغوجية إلى سلعة تجارية”، مشددا على أن “الكتب المدرسية صارت أقل جودة وجاذبية للتلميذ ولم يحقق تعدد وتنوع الكتاب المدرسي الأهداف المنشودة”.
وتفاعل رئيس الفريق البرلماني، في سؤاله الكتابي، مع التقرير الأخير لمجلس المنافسة حول سوق الكتاب المدرسي، مبرزا أن “من التوصيات الأساسية الواردة في وثيقة رأي المجلس ضرورة جعل إنتاج الكتب المدرسية الموجهة للسلكين الإبتدائي والثانوي من اختصاص الدولة، باعتباره عملا يؤسس للسيادة الوطنية، حيث يتعين على الدولة أن تستمر في الإحتفاظ باختصاص إعدادها وحقوق المؤلف المرتبطة بها، وأن تستهدف خلق صرح يخدم وحدة الأمة وهويتها وقيمها”.
وأكد النائب البرلماني، أن “مجلس المنافسة وقف على العديد من الاختلالات الصارخة التي من غير المقبول إستمرارها، وذلك من قبيل كون النموذج الإقتصادي الذي يقوم عليه سوق الكتاب المدرسي حاليا يأتي بنتائج عكسية، حيث يرتكز على العرض والطلب المدعومين على نحو مصطنع من الأموال العمومية وشبه العمومية”.
وأبرز حموني، أن إنتاج الكتب المدرسي يتم بشكل مضخم للاستعمال السنوي الواحد ودون حوامل رقمية مرفقة، بما يسبب في إهدار موارد الأسر المغربية”، لافتا إلى أن “6 مجموعات للناشرين تستحوذ على 63 في المئة من السوق الوطنية للكتاب المدرسي”.
و كشف مجلس المنافسة، أن سعر الكتاب المدرسي الموازي الذي تعتمده المؤسسات الخصوصية ككراسة مكيفة تكميلية، يتجاوز سعر الكتاب المدرسي الرسمي 10 مرات أو أكثر.
وأبرز المجلس، في رأي جديد نشره على موقعه الرسمي، أن “أسعار هذه الكتب تشكل سوقا بحد ذاته، خاصة إذا احتكمنا لمستوى الأسعار، الذي يعتبر أعلى بكثير مقارنة
بالكراسات المدرسية الرسمية، وكذا لآلية سير العرض والطلب في هذا الفرع”، وأوضح المصدر ذاته، أن “أسعار هذه الكتب غير منظمة إلا أن محتوياتها تخضع للمراقبة البيداغوجية من لدن الأكاديميات التابعة للوزارة الوصية”.