صدر حديثا للباحثة الأكاديمية والناقدة والروائية زهور كرام دراسة نقدية جديدة تحت عنوان “السرد الأدبي.. من التجريبي إلى الترابطي” عن (دائرة الثقافة الشارقة).
وتمثل هذه الدراسة الواقعة في 195 صفحة، تطويرا لقراءات كرام المتواصلة في حدود وطبيعة العلاقة القائمة بين الأدب والوسائط التكنولوجية، والصلة التفاعلية ما بين النص الأدبي بالصيغة الورقية، والنص الأدبي بالصيغة الرقمية، وذلك “من باب أن هذه العلاقة التفاعلية منتجة للأدب بشكل عام”.
ويعضد هذا العمل دراستها الموسومة “الأدب الرقمي.. أسئلة ثقافية وتأملات مفاهيمية” بمواصلته بحث “الكيفية التي ي سهم فيها النص الرقمي في تجديد القراءة في النص الورقي”.
وأوضحت الناقدة في مقدمة كتابها أن عملها “يأخذ منحى أكثر تطورا”، لكونه يقف “عند منطق الترابط الذي يؤسس نظام كثير من النصوص الأدبية الورقية، ويشكل جوهر نظام النص الرقمي”، ويسعى أيضا إلى “التمييز في تحليل الخطاب الرقمي بين شكلين/نوعين من الترابط في الأدب عبر الوسيط التكنولوجي”، وهما “الترابط النصي الداخلي والترابط النصي عبر الميتانص”.
ولفتت إلى أنها اشتغلت في مقاربتها للنوع الأول على “محطات سيرة افتراضية لكائن من ذاك الزمن” للكاتب المغربي “محمد اشويكة”، بينما تتبعت النوع الثاني من خلال الرواية الفيسبوكية “على بعد ملتمر واحد فقط” للكاتب المغربي عبد الواحد استيتو.
وسعت الكاتبة من خلال النموذجين إلى مقاربة “دور الروابط في تغيير موقع /مهمة القارئ من المتلقي لنظام نص جاهز إلى تأليف نص محتمل”.
كما انصبت القراءة النقدية على مقاربة النصوص الورقية التجريبية التي تميزت بحضور المنطق الترابطي مثل القصة القصيرة والرواية والقصة القصيرة جدا التي تدخل في إطار الأجناس الموجزة.
وترى الباحثة أن ظهور التجريب في الكتابة السردية ارتبط، على الخصوص، ب”الانزياح عن النظام التقليدي للكتابة، وانفلات السرد من هيمنة الصوت الواحد، وسلطة السارد العالم بكل شيء، والموجود في كل مكان”. وشمل تطور التجريب، برأيها، “اللغة وبناء الشخصية والمكان والفضاء، وأثر في سؤال التجنيس والنوع السردي”. وهو التطور الذي نجم عن “تحولات تاريخية في وضعية الإنسان، وعلاقته بالحقيقة، وشكه في اليقين، وعدم إيمانه بالصوت الواحد والوجه الواحد للحقيقة”.
أما قصدها من “الترابطي الرقمي”، فهو ما يعتمده النص في كتابته وبنائه من نظام ترابطي يتجسد في “صيغة تنظيم المستندات والوثائق النصية المحوسبة، التي تتميز بوجود روابط دينامية بين أقسامها المختلفة”، وهو ما يسمح “بالانتقال من مستند إلى آخر، في إطار ترابط شبكي أو تشعبي”، وما أثر بالنتيجة و”بشكل مباشر على موقع القارئ، وفعل القراءة التي انتقلت من الطريقة الخطية مع الحامل الورقي، إلى الطريقة الترابطية مع الدعامة الإلكترونية”. وهي في النهاية، بحسب إحدى خلاصات البحث، “رؤية جديدة، وليست مجرد تجميع لكلمات أو معلومات أو صفحات على شبكة الويب”.