يبدو أن الحديث عن صفقة الـ F-35 بين المغرب والولايات المتحدة قد أثار اهتمامًا واسعًا، خاصة في الأوساط الإسبانية والجزائرية. هذه الطائرات الشبحية تُعد واحدة من أكثر الأسلحة تقدمًا في العالم، وامتلاكها يمنح أي جيش تفوقًا تكنولوجيًا هائلًا، مما يفسر القلق المتزايد لدى جيران المغرب.
مغزى الصفقة وتأثيرها الإقليمي
في حال تمت الصفقة، فإن امتلاك المغرب لهذه الطائرات سيغير موازين القوى في شمال إفريقيا، حيث سيكون أول بلد في المنطقة يحصل على مقاتلات من الجيل الخامس. هذا التطور قد يضع حدًا للرهانات العسكرية الجزائرية التي تعتمد على ترسانة سوفياتية قديمة محدثة بأسلحة روسية، في وقت تعاني فيه موسكو من أزمة إمدادات بسبب الحرب الأوكرانية.
حسابات إسبانيا والجزائر
إسبانيا، التي اعتادت اعتبار نفسها القوة الجوية المتفوقة في غرب المتوسط، تنظر إلى هذه الصفقة بقلق بالغ، خصوصًا في سياق أي سيناريو مستقبلي بشأن سبتة ومليلية المحتلتين. أما الجزائر، التي تصرف مليارات الدولارات سنويًا على التسلح دون تحقيق تفوق نوعي، فإن دخول المغرب إلى نادي مستخدمي الـ F-35 سيحطم استراتيجيتها التقليدية، المبنية على سياسة الردع بالتفوق العددي في السلاح، وليس النوعي.
ما وراء الصفقة: السياسة قبل السلاح
واشنطن لا تمنح هذه الطائرات إلا لحلفاء موثوقين ضمن استراتيجيتها الكبرى، كما أن أي صفقة من هذا النوع تخضع لحسابات جيوسياسية معقدة، تتعلق بموازين القوى في المنطقة. وإذا صحت التقارير بشأن إدراج هذه الصفقة في إطار الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، فهذا يعني أن الرباط تتقدم بثبات في تعزيز موقعها الاستراتيجي كحليف رئيسي للغرب في المنطقة، في مقابل تراجع النفوذ الروسي والجزائري.
إذا حصل المغرب على هذه الطائرات، فإن ذلك سيخلق واقعًا جديدًا في المنطقة، حيث لن يكون هناك طرف يملك تفوقًا عسكريًا واضحًا، مما قد يدفع إلى فرض نوع من السلام القائم على “توازن الرعب”، كما هو الحال بين القوى الكبرى. فهل ستكون هذه الخطوة مفتاحًا للاستقرار، أم أنها ستدفع الأطراف الأخرى إلى مزيد من الإنفاق العسكري في سباق تسلح قد لا ينتهي قريبًا؟