في سياق الأزمة الصحية السابقة، وفي ظل التوترات الجيوسياسية الدولية الراهنة، برزت علامة “صنع في المغرب” وترسخت، بشكل فعلي، كإحدى الروافع الأساسية لتحقيق النمو والتنمية السوسيو – اقتصادية للمغرب.
هذه العلامة التي لطالما اقتصرت على الفلاحة والصناعة التقليدية وغيرها من المنتجات المحلية المغربية الأصيلة، تتجلى اليوم في حلتها الجديدة وترتبط بمجال التصنيع وتتنوع بالأخص من خلال مجموعة من المنتجات التي تغطي العديد من القطاعات الاقتصادية الجديدة والمهن ذات القيمة المضافة العالية.
عشرون سنة من الجهود لتحقيق الاندماج
يعد الإندماج التدريجي والجوهري للمملكة ضمن سلاسل القيمة العالمية المثال الأبرز الذي يؤكد هذا المعطى. وفي القطاعات الرائدة والمتطورة على غرار الطيران والسيارات والطاقات المتجددة، على سبيل المثال لا الحصر، يتمتع المغرب بمعدلات اندماج محلي أعلى من المتوسطات العالمية.
ولأسباب وجيهة، تمكن المغرب، على مدى عقدين من الزمن، بفضل براغماتيته وانفتاحه على العالم، من تحقيق انتقال اقتصادي ملحوظ من خلال تطوير بنيات تحتية ومنظومة صناعية إقليمية فريدة من نوعها بشكل يجذب مهن عالمية جديدة كل سنة، والتي كانت سابقا حكرا على القوى الاقتصادية.
ومن ثم، فإن الارتقاء بمستوى الصناعة الوطنية وتعزيز قدرتها التنافسية يشكل أرضا خصبة للترويج لعلامة “مغربي(ة) 100 في المائة” التي تتجلى اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، كواقع ملموس بفضل الخيارات الاستراتيجية التي أقدمت عليها المملكة والإصلاحات المتعلقة بالاستثمار الجاري تنفيذها.
ورش استراتيجي جديد
استحضر صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، علامة “صنع في المغرب” كثمرة ” النبوغ المغربي” التي “تقوي مكانة المغرب كوجهة رئيسية للاستثمار المنتج”.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس الجمعية المهنية للعلامات المغربية (APMM)، عادل المنيني، أن المملكة ملتزمة التزاما راسخا بمسار التميز الصناعي والترويج للمنتجات الوطنية من خلال علامة “صنع في المغرب”.
وأشار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن هذه المبادرة ترتكز على استراتيجية عالمية وترسي دعائم نموذج تنموي جديد يستهدف تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل وتعزيز القدرة التنافسية للبلاد على الساحة الدولية.
وأورد السيد المنيني أن الحكومات المتعاقبة، مسترشدة بهذه الرؤية، قد حشدت جهودها لوضع سياسات ومبادرات استراتيجية تتوخى تعزيز الصناعة المحلية والترويج للمنتجات المغربية على الصعيدين الوطني والدولي، معتبرا أن علامة “صنع في المغرب” كفيلة بتحويل المشهد الاقتصادي للمغرب.
وتحقيقا لهذه الغاية، أوصى رئيس الجمعية المهنية للعلامات المغربية بإنشاء منصة مستقلة ت عتمد كمرجع للترويج لعلامات “صنع في المغرب” وتواكبها من خلال استراتيجية تهدف إلى تثمين منتجاتها وخدماتها، ولكن أيضا من خلال الالتزام غير المشروط بالقيم الوطنية والتفضيل المنهجي للمنتجات المحلية كلما أمكن ذلك.