دخلت العلاقات المغربية الإسرائيلية، مرحلة التفعيل وتنزيل الشراكة الجديدة عبر التوقيع على 10 اتفاقيات جديدة في مجالات الطيران والشباب والرياضة والمشاورات السياسية، و دراسة وتحضير اتفاقيات جديدة لتسهيل الاستثمارات والتجارة والبحث العلمي، حيث أكد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الأربعاء بالرباط، أن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إلى المغرب هي “ترجمة لالتزام مشترك للمضي قدما في إعطاء مضمون ملموس للعلاقات الثنائية بالارتكاز على آليات تعاون مرنة وفعالة”.
وأفاد بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الإسرائيلي عقب مباحثات أجرياها، أن “علاقتنا، وكما يؤكد على ذلك جلالة الملك، تستمد قوتها من الأواصر المتينة والخاصة التي تربط الجالية اليهودية من أصل مغربي بالمملكة المغربية، والروابط الخاصة التي تجمع تلك الجالية اليهودية، بمن فيهم الموجودون في إسرائيل، بشخص جلالة الملك”.
وسجل بوريطة أنه “على هذا الأساس، كانت لنا مباحثات معمقة ومستفيضة حول مجمل القضايا الثنائية والإقليمية”، معتبرا “أن استئناف العلاقات مع إسرائيل “يعكس رغبة جلالة الملك في إعادة تفعيل آليات التعاون بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل، واستئناف الاتصالات بشكل منتظم، في إطار علاقات دبلوماسية سلمية وودية”.
و يمثل استئناف هذه العلاقات ، “تعبيرا عن إرادة واقتناع، عبر عنهما صاحب الجلالة، نصره الله، الذي أبى إلا أن يرأس شخصيا في شهر دجنبر الماضي حفل التوقيع على الاتفاق الثلاثي (المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية) والذي وضع أسس العلاقات الثنائية التي نسهر على بنائها”.
وأشار بوريطة إلى أن علاقة المغرب بإسرائيل تتسم ب”سياق مميز يتمثل في كون الرافد العبري مكرس في دستور المملكة كأحد الروافد التي تغني وتثري الهوية المغربية المتنوعة”.
وأوضح أن اليهود المغاربة “عاشوا ولازالوا يعيشون في المغرب مع إخوانهم المسلمين كمغاربة في ظل رعاية والتزام جلالة الملك تجاه المواطنين كيفما كانت ديانتهم”، وأضاف أنه “منذ ذلك التاريخ، تعرف العلاقة الثنائية دينامية جيدة بفضل الإرادة التي تحدونا جميعا، ولأجل مواكبة هذا الزخم في العلاقات، قمنا بإنشاء خمسة فرق عمل تغطي قطاعات واعدة من قبيل البحث والابتكار والسياحة والطيران والفلاحة والطاقة والبيئة والتجارة والاستثمار”، مسجلا أن فرق العمل متعددة القطاعات عقدت اجتماعين، فضلا عن الاتصالات المتواصلة بين القطاعات الوزارية المعنية.
وأبرز بوريطة وجود آفاق واعدة للتعاون بين البلدين، مشيرا أنه تباحث مع نظيره الإسرائيلي حول السبل الكفيلة بتطوير هذه الآفاق وتعزيزها على المستوى المؤسساتي وعلى مستوى القطاع الخاص، و تابع بالقول “كما نطمح كذلك، إلى إغناء علاقتنا بالبعد الإنساني الذي كان أحد تجلياته، أخيرا، تسيير رحلات جوية بين البلدين، وما صاحب ذلك من حماس لدى الإسرائيليين من أصول مغربية واعتزازهم بشخص جلالة الملك”.
ولفت بوريطة إلى أنه تم التوقيع على اتفاقيات جديدة لإثراء الإطار القانوني المنظم للعلاقات الثنائية، همت قطاع الطيران والشباب والرياضة والمشاورات السياسية، كما تم الاتفاق على المضي قدما في استكمال دراسة وتحضير اتفاقيات جديدة لتسهيل الاستثمارات والتجارة والبحث العلمي.
وبخصوص الوضع المتوتر في الشرق الأوسط، أكد بوريطة لنظيره الإسرائيلي أهمية الاستمرار في تثبيت التهدئة عقب أحداث الأحد عشر يوما في شهر ماي المنصرم، موضحا أن التوتر والاحتقان “يستفيد منهما دعاة التطرف والكراهية البغيضة لنشر أجندتهم الخبيثة”.
وأضاف الوزير أنه تم التطرق كذلك لآفاق السلام، مشيرا إلى أن “جلالة الملك، وفي مناسبات مختلفة، يؤكد ضرورة الخروج من حالة الجمود والاستعصاء لاستئناف المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد للتوصل إلى حل نهائي ودائم وشامل على أساس حل الدولتين لشعبين، يعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام”.
وشدد على الحاجة الماسة للبدء في إجراءات إعادة بناء الثقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، خدمة للسلام والاستقرار والازدهار والرخاء في المنطقة.
وأكد أن الملك بصفته رئيسا للجنة القدس، “يؤكد دائما على الحفاظ على الطابع الخاص والفريد للمدينة باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية ولها رمزية كبيرة وحمولة روحية بالنسبة لأتباع الديانات الثلاث”.
وأكد أن إعادة بناء الثقة والحفاظ على الهدوء والإحجام عن كل ما من شأنه تأجيج التوتر، “عوامل أساسية لابد منها، لفتح أفق سياسي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي والحفاظ على حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد الذي يكفل ويضمن الأمن والاستقرار للجميع”.
وشدد بوريطة على أنه يتعين العودة سريعا للمفاوضات المباشرة والمجدية، بما يفضي في النهاية إلى إقامة دولة فلسطينية وإقرار السلام الشامل وإشاعة الازدهار والرخاء في المنطقة.
واستقبل الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، بالرباط، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست الإسرائيلي ، “رام بن باراك” الذي يقوم حاليا بزيارة للمغرب ضمن وفد إسرائيلي رسمي.
وذكر بلاغ لمجلس النواب، أن المباحثات بين الجانبين تمحورت حول سبل تعزيز التعاون الثنائي وآفاقه المستقبلية، وخاصة بعد استئناف العلاقات الديبلوماسية بينهما، وتوقيع كل من المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل نهاية السنة الماضية على إعلان مشترك بهذا الخصوص.
وأشار البلاغ أكد الجانبان على دور الجالية اليهودية المغربية في توطيد العلاقات الثقافية والإنسانية بين البلدين، وأشادا بتميز الهوية الحضارية والثقافية المغربية الغنية بروافدها المتعددة والتي يعتبر الرافد العبري أحد مكوناتها الأساسية كما جاء في دستور المملكة.
وسجل “الطرفان أيضا المكانة المميزة والتقدير الكبير الذي يحظى به جلالة الملك محمد السادس حفظه الله وجلالة المغفور لهما الملك الحسن الثاني والملك محمد الخامس طيب الله ثراهما، في المجتمع الإسرائيلي ولدى الجالية اليهودية المغربية”.
و شددا على أهمية الديبلوماسية البرلمانية في تعزيز الحوار، وفتح آفاق جديدة للتعاون والتفاهم بين الشعوب، فضلا عن دورها المحوري في تقريب وجهات النظر، وفي توطيد التعاون جنوب-جنوب الذي يعتبر أحد التوجهات الاستراتيجية بالمملكة المغربية.
وأعرب الجانبان ،وفق البلاغ، عن تطلعهما لتعزيز العلاقات بين المؤسستين التشريعيتين بالبلدين بما يساهم في تعميق الحوار.