القضية قد تبدو للبعض بسيطة لكنها معقدة للغاية. قضية مغادرة فريق القتدم والاشتراكية للجلسة العمومية للأسئلة الشفوية للجلسة احتجاجا على عدم وجود الوزير المعني أو من ينوب عنه وعدم جواب باقي الوزراء على أسئلة بلغت آجالها القانونية، وهو الموقف الذي لقي تضامنا من فرق المعارضة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ولكن تولي رئيس فريق الأصالة والمعاصرة الرد على المعارضة مكان الحكومة.
المعارضة تقدمت بنقط نظام، المعروف دائما أنها تكون توجيهية وفي الغالب تتفاعل معها الحكومة، لكن هذه الحكومة فضلت الهروب إلى ظهرب الجبل، ولم تعقب على مطالبات المعارضة، وانبرى للدفاع عنها رئيس فريق من الأغلبية في غير مهمته.
من قام بهذا الفعل لا يعرف دور المؤسسة التشريعية. وهذا مطبق بقواعد العمل البرلماني، المفروض أن يكون التعامل معها قد تطور بعد ولوج قبة البرلمان من قبل المتعلمين، ففي فترة كانت الأغلبيىة غير متعلمة لكن كانت تفهم وتسأل عما لا تعرف، أما اليوم فرغم دخول المتعلمين وأصحابا الشهادات للبرلمان فإن الأمية القانونية هي الطاغية، ومن هذه البوابة تدخل الحكومة قصد السطو على البرلمان.
نعرف أن الأغلبية الحكومية هي الأغلبية البرلمانية، ولهذا نبهنا منذ اليوم الأول لتشكيل أغلبية غير طبيعية إلى أن هناك توجه للهيمنة على المؤسسات، إذ اختار أخنوش أسهل الطرق للسيطرة، حيث لجأ إلى جمع الأحزاب السياسية التي حصلت على المراتب الأولى في الأغلبية وترك الباقي للمعارضة، فأصبحنا أمام معارضة غير قادرة على الفعل فإذا استثنينا حزب التقدم والاشتراكية، الذي أعلن منذ البداية أنه خارج للمعارضة، فإن حزب الاتحاد الاشتراكي تم طرده للمعارضة، بعد أن اصدر بيانا يؤكد فيه أن موقعه الحقيقي هو المشاركة في الحكومة لأسباب عدّدها، ولن نناقشه اليوم في صوابها، والعدالة والتنمية يعاني من سقوط انتخابي “حر” من 125 مقعد إلى 13 مقعد، فمهما كانت قوة استيعاب الصدمة فهي تحتاج وقتا طويلا، وهذا ما اعترف به عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب.
لكن الأدهى والأمر هو أن القضية لم تعد قضية تكوين أغلبية مريحة ولكن تماهي الأغلبية في البرلمان مع الحكومة حتى أصبحت هي. فالحوار داخل البرلمان، هو بين برلمانيين، من الأغلبية والمعارضة، مع الحكومة، وليس حوار بيني يجمع البرلمانيين فيما بينهم. الحوار بين البرلمانيين يكون حول اختلاف الرؤى بين مكونات المجلس وهذا طبيعي، لكن أن تقوم الأغلبية مقام الحكومة فهذا يعني سطو واضح على المؤسسة التشريعية.
قد يقول قائل ومادامت الأغلبية في الحكومة والبرلمان هي نفسها فما المانع من أن يقوم البرلماني بالدفاع عن الحكومة والرد على المعارضة، فأن يدافع عن الحكومة هذا طبيعي لكن أن يرد على المعارضة فهذا تطاول وتجاوز للاختصاصات، فلا الحكومة تدافع عن البرلمان ولا البرلمان يدافع عن الحكومة.