فاتح ماي يوم عطلة للعاملين منذ أن تم إقراره أمميا تخليدا لذكرى ضحايا مصنع أمريكي أحرقه صاحبه بعد أن أغلب بابه على العاملات المطالبات بحقوقهن، ومن تم أصبح يوما عالميا تخلده الطبقى العاملة في كل بلاد الدنيا بمستويات مختلفة، وفي المغرب يتم تخليده منذ عقود خلت وحتى قبيل جلاء قوات الحماية، حيث شكلت الطبقة العاملة ذراعا قويا للمقاومة.
اليوم في مغرب الحق والقانون، الذي أراده جلالة الملك محمد السادس أن يكون مغربا المساواة والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات، يخل العمال هذه السنة فاتح ماي على وقع معاكسة الحكومة للتوجهات الملكية بشكل كبير.
لسنا نحن من أطلق “فاتح ماي حزين” على احتفالات هذه السنة، ولكن هو إجماع النقابات على أن فاتح ماي هذه السنة حزين لأن الحكومة تراجعت عن التزاماتها الموقعة وغير الموقعة، وخصوصا اتفاق 30 أبريل، مما جعل المركزيات النقابية تشعر بخيبة أمل وأنها تعرضت للخديعة من قبل الحكومة، التي لم تلتزم بالاتفاقيات الموقعة.
ما إن خرج زعماء النقابات من جلسة الحوار الاجتماعي حتى أجمعوا على وفاة هذا الحوار لأن الحكومة غير مستعدة لتقديم أي شيء للتنقابات، وغير مستعدة لمعالجة تداعيات الأزمة كما فعلت نظيراتها في كل بلدان العالم، التي عالجت تداعيات الأزمة، سواء المتعلقة بكورونا أو الحرب في أوكرانيا، عن طريق مجموعة من الإجراءات لفائدة الطبقة العاملة، لكن في المغرب ليست هناك رغبة نهائية لدى الحكومة من أجل مساعدة المواطنين على مواجهة التحديات.
أي فاتح ماي هذا الذي لن ينتظر فيه العمال أي شيء؟
أي ذكرى هذه التي لا تحلو من حرائق في الأسعار شبيهة بالحريق الأول؟
فاتح ماي يأتي وحوالي 13 ألف مقاولة أغلقت أبوابها بسبب أن الحكومة تركتها لحال سبيلها.
هل تعرف الحكومة ورئيسها أن 13 مقاولة تعني عشرات مئات العمال الذين فقدوا شغلهم، في وقت تقول إنها توفر مناصب الشغل؟
قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، كما جاء في الأثر. كيف تفكر الحكومة لما تعمد إلى قطع الأرزاق؟ متى تتخلص من وعودها؟ متى تصبح وعودعا حقيقة ماثلة للعيان؟
هذه الحكومة معروفة بالوعود التي لا يمكن تحقيقها، ففي الأول تقدم الحزب، الذي يرأسه رئيس الحكومة الحالي، للانتخابات تحت وعود فلكية لو تحقق ربعها لأصبح المغربي يعيش في بحبوحة، ولكن بعد الفوز بالانتخابات تنكر لذلك، وبرر بعض قادته بأن الأمر ليس بيدهم لأنهم مضطرون للتحالف مع أحزاب أخرى.
شربناها بكأس ماء وقلنا معهم الحق ننتظر تشكيل التحالف. تشكل التحالف وتقدم بتصريح حكومي أمام البرلمان على ضوئه حصلت الحكومة على التنصيب. وبعد تنصيبها تنكرت لهذا التصريح الذي هو بمثابة برنامج حكومي. وها هي اليوم تتنكر لاتفاقاتها مع النقابات وعلى مقربة من فاتح ماي.