أصبح من العرف القيام ب”محاسبة خفيفة” للحكومة بعد مائة يوم من تنصيبها، لكن هذه الفترة ليست كافية لتنجز فيها الحكومة ما ترغب فيه من برامج مسطرة في البرنامج الحكومي، لكنها كافية لقياس مدى جدية الحكومة بعد المائة يوم، والمغاربة لديهم مثل باللغة الدارجة العربية “من الخيمة خرج مايل”، عند الفشل كما يقولون “النهار المزيان من صبحو يبان”، بمعنى أن الفترة الأولى كافية للدلالة على قدرة الحكومة على إنجاز ما يمكن إنجازه وتنفيذ الأوراش المتوقعة.
كل هذه الأيام التي مرت لم نستطع التعرف على شكل الحكومة وأصلها وفصلها وماذا تريد منا كمواطنين؟ حكومة “تتهجّى” الحروف الأولى في التسيير والتدبير رغم الادعاءات، التي لا يوجد لها مصداق على أرض الواقع، بل لجأت إلى السطو على المشاريع التي لا علاقة لها بها، وخصوصا المشاريع الملكية، ناهيك عن مشاريع كانت في الحكومة وتم اليوم التغني بها وكأنها تخرج لأول مرة.
كل الأدلة تشير إلى أن الحكومة “تجريبية” وغير جدية، بدءا من عدم الالتزام بالتصريح الحكومي، الذي لم يظهر له أثر أثناء تقديم قانون المالية أمام البرلمان، حيث اختفت “الدولة الاجتماعية”، والتي نعتبر أن إقحامها في البرنامج الحكومي مجرد سطو علني على مشروع ملكي كبير اسمه “الحماية الاجتماعية” حيث أمر جلالته بتسجيل جميع المواطنين في الضمان الصحي والاجتماعي.
عندما تم تقديم بروفايلات الوزراء الجدد تم التركيز على بعض الوزراء الذين يتكلمون لغات أجنبية، وقلنا حينها إن اللغات مطلوبة باعتبارها تفتح الدماغ على التفكير، لكن لن نعول على حكومة “الدليل السياحي المزيف” باعتبار هؤلاء يتكلمون أكثر من لغة بحكم التجربة لكن لا يصنعون تميزا.
عدم جدية الحكومة ظهرت في رئيس حكومة لم يوف بأي أدنى وعد من وعوده لا على مستوى الفعل ولكن على مستوى ما تنوي الحكومة اتخاذه من قرارات، حيث تبخرت كل الوعود من الدقيقة الأولى، وأظهر أخنوش وجها آخر غير الوجه الذي ظهر به خلال الانتخابات.
عدم جدية الحكومة ظهرت في قرارات وزارية متسرعة وغير مدروسة بل في عنجهية بعضهم وكأنهم “قطعوا البحر مشيا”، والجميع يعرف الريح التي أوصلتهم إلى ما هم فيه اليوم.
عدم جدية الحكومة ظهرت في وزير العدل، الذي أصبح معروفا بقصة “مول التقاشر”، عندما خاطب مسؤولا في الثقافة قائلا “أنا كنعرف لون التقاشر ديالك”، وهي مجرد مبالغة من وزير لم يعد يملك من السلط سوى بناء المحاكم وشراء الكراسي وجافيل، وزير العدل هذا في الأيام الأولى خلق مشكلا كبيرا خلّف اصطداما قويا مع هيئات المحامين الموحدة والقوية، التي انتصرت عليه في النهاية.
صبح الحكومة ظهر جليا أنه لن يوصل إلى بر الأمان، وبالتالي لابد من إعادة النظر في كل تفصيلة من تفاصيلها قبل أن يقلبوا السفينة لا قدر الله.