بن نورتون ومايكل هدسون
المصدر: بلومبيرج.
النص أدناه نسخة مختصرة ومترجمة بتصرف من حوار أجراه بن نورتون لصالح موقع Geopolitical Economy Report مع أستاذ الاقتصاد الأمريكي مايكل هدسون في شباط من هذا العام، حول أسعار الذهب والسياسات الأمريكية خلفها وأسباب الارتفاع الحاد الذي شهدته الأشهر الأخيرة.
بن نورتون: مؤخرًا، ارتفعت أسعار الذهب بشكل كبير. منذ عام 2018، تضاعفت أسعار الذهب ثلاث مرات تقريبًا. وقد أثار ذلك جدلًا كبيرًا في جميع أنحاء العالم حول أسباب حدوث ذلك. هناك بالطبع عدة عوامل مختلفة.
أحدها هو أن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تشتري المزيد والمزيد من الذهب، خاصة مع تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات. تخضع ثلث دول العالم لعقوبات أمريكية، بما في ذلك 60% من البلدان منخفضة الدخل. وأدى ذلك إلى تسريع هذه الظاهرة، حيث صادرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أصولًا بقيمة 300 مليار دولار ويورو مملوكة للبنك المركزي الروسي. وقد أثار ذلك مخاوف البنوك المركزية في العديد من البلدان الأخرى، التي تخشى أن تكون التالية في قائمة الدول التي سيصادر الغرب أصولها.
يُنظر إلى الذهب على أنه بديل للأصول المقومة بالدولار أو اليورو. لكن الأمر لا يقتصر على البنوك المركزية. فهناك أيضًا طلب كبير من القطاع الخاص، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم نتيجة جائحة كوفيد. المثير للاهتمام هو أن الذهب يُنظر إليه عادةً على أنه وسيلة للتحوط من التضخم. وعندما يرتفع التضخم، يميل سعر الذهب إلى الارتفاع. لكن في العامين الماضيين، انخفض التضخم، ومع ذلك استمر سعر الذهب في الارتفاع.
مايكل، لماذا برأيك شهدنا هذا التحول الهائل، حيث تضاعف سعر الذهب ثلاث مرات تقريبًا في السنوات السبعة الماضية؟
مايكل هدسون: نحن نتحدث منذ سنوات عديدة عن كيفية عمل النظام المالي الدولي، واحتياطيات البنوك المركزية، وإلغاء الدولار كعملة عالمية، وانفصال دول البريكس عن الغرب.
لقد خرجت أمريكا من نظام الذهب بسبب استنزاف ميزان المدفوعات من حرب فيتنام والإنفاق العسكري العالمي. فمنذ حرب كوريا في عام 1950 وحتى السبعينيات، كان عجز ميزان المدفوعات الأمريكي بالكامل عبارة عن إنفاق عسكري. ونتيجة لذلك، اضطرت الولايات المتحدة إلى بيع ما تراكم لديها من دولارات.
حتى عام 1971، كان كل دولار مطبوع يجب أن يكون مدعومًا، بموجب القانون، بنسبة 25% من الذهب. لذلك كنا نشاهد احتياطي الذهب الأمريكي ينخفض، وينخفض، وينخفض حتى وصل إلى الحد الأدنى. وجاءت نقطة الانهيار في آب 1971، حين جرى التخلي عن معيار الذهب. وكان هناك الكثير من التوتر في الولايات المتحدة من أن ذلك من شأنه أن يزعزع سيطرتها على النظام المالي العالمي، الدول والبنوك المركزية الأجنبية لم يكن لديها سوى بديل واحد كبير في ذلك الوقت، وهو شراء الدولار.
كيف يشترون الدولار؟ يشترون سندات الخزانة الأمريكية، وأذون الخزانة، والأوراق المالية قصيرة الأجل. أي يضعون أموالهم ويحتفظون بها في شكل ديون أمريكية. ومع حصولهم على المزيد من الدولارات، أنفقوا المزيد من الأموال على شراء هذه الديون. أصبح ذلك وسيلة متزايدة لتمويل الولايات المتحدة عجز ميزانيتها.
عندما تعاني دول أخرى من عجز في ميزان المدفوعات، عليها أن تخفض قيمة عملتها، بتدخل من صندوق النقد الدولي وغيره. لكن الولايات المتحدة يمكنها الاستمرار في طباعة النقود. لكن ماذا يمكن أن تفعل الدول الأخرى؟ ليس لديها بديل.
خلال العقد الماضي تقريبًا، رأينا ضغوطًا متزايدة لخلق بديل للدولار. فهناك دول عديدة تريد التخلص من الدولار، والولايات المتحدة تخشى ذلك وتتساءل كيف سيكون شكل البديل. إلى حد ما، نحن نعلم أن تلك الدول تشتري عملات بعضها البعض، كاليوان والروبل، لتجنب استخدام الدولار، وتجنب المخاطرة التي خاضتها فنزويلا وإيران وروسيا، وهي مصادرة الولايات المتحدة لدولاراتها.
لكن لا تزال هناك فكرة بأن الذهب هو من الأصول التي اتفق عليها العالم بأسره، إلى جانب الفضة، على مدى 3000 عام، كأساس نقدي. فكيف ستجعل دول العالم كلها، من أمريكا الشمالية إلى أوروبا إلى آسيا، تتفق على ما يجب الاحتفاظ به [لتخزين الثروة]؟ إنهم يحاولون التوصل إلى اتفاق الآن، ويدركون أنه لا يمكن أن يكون هناك نظام نقدي لدول البريكس حتى يتحقق التكامل السياسي الكامل بين هذه الدول. لذلك لن يكون هذا بديلًا في الوقت الحالي. لذا، فإن الدول تشتري الذهب.
لقد رأينا، في العقود الماضية، أن البنوك المركزية خصصت زيادة مطردة في نسبة احتياطياتها من الذهب، ونسبة أقل من احتياطياتها من الدولار الأمريكي. وهي لا تزال تحتفظ بمزيد من الدولارات كل عام، لأن الولايات المتحدة تعاني من عجز كبير في ميزان المدفوعات، مما يدفعها إلى ضخ الدولارات في الاقتصاد العالمي. لكن الدول الأخرى لا تكتفي بإعادة تدوير هذه الدولارات. فهي تنفق المزيد والمزيد من الدولارات التي تحصل عبرها على الذهب، كنوع من الملاذ الآمن لها.
هذا ما يجعل سوق الذهب يعبر ليس فقط عن السلع وكيفية تحقيق الثراء، بل عن كيفية إعادة هيكلة الاقتصاد العالمي، وعلاقاته النقدية، والسياسات المتبعة. لذا ما سأتحدث عنه هو ما يجعل سوق الذهب سياسيًا للغاية وفريدًا من نوعه، بحيث أن هناك شيئًا غريبًا للغاية يحدث هناك.
يوم الاثنين 10 شباط بدأ الأسبوع بارتفاع الذهب إلى أكثر من 2900 دولار للأونصة. ونحن على وشك أن يصل سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة [عند نشر هذه المقابلة، بلغ سعر الأونصة أكثر من 3400 دولار]. هذه قفزة هائلة.
بقيت أسعار الذهب راكدة في نطاق ضيق جدًا من حوالي 1200 إلى 1400 دولار للأونصة لعدة سنوات، من 2015 إلى 2019. ثم، خلال سنوات جائحة كوفيد، تراوح السعر في نطاق ضيق جدًا، بين 1800 و2000 دولار للأونصة. كان هناك ارتفاع تدريجي، ولكن ليس بالسرعة التي كان عليها الطلب الفعلي على الذهب.
إذا نظرتم إلى إحصاءات تعدين الذهب في جميع أنحاء العالم، والعرض والطلب على الذهب، فستجدون أن الطلب يفوق العرض بكثير منذ 20 أو 30 عامًا. لذا فإن السؤال الذي يجب أن نطرحه في البداية هو: لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت لكي يبدأ سعر الذهب في الارتفاع، بعد أن ظل راكدا لمدة عقد من الزمان؟
حسنًا، الجواب الواضح هو أن سوق الذهب لا يشبه أسواق السلع العادية. أحد أسباب ذلك هو أن سعر الذهب، على مدار القرن الماضي، كان يخضع لتنظيم البنوك المركزية، وبشكل رئيسي وزارة الخزانة الأمريكية، منذ أن أعاد فرانكلين روزفلت تقييم الذهب بـ35 دولارًا للأونصة في عام 1933. استمر ذلك حتى أعلن الرئيس نيكسون خروج الولايات المتحدة من نظام الذهب في عام 1971.
عندها، بدلًا من صرف تدفقات الدولار عن طريق شراء الذهب، اشترت البنوك المركزية الأجنبية سندات الخزانة، لتموّل ذلك العجز المتزايد للميزانية المحلية الأمريكية. لذلك سعت الولايات المتحدة إلى إبقاء أسعار الذهب منخفضة منذ إعادة تقييمه في عام 1971. في البداية، ارتفعت أسعار الذهب ثم بقيت راكدة نسبيًا حتى نهاية العقد الأول من الألفية. كان الهدف من ذلك سياسيًا: الحفاظ على نظرة العالم إلى الدولار الأمريكي، أي سندات الخزانة الأمريكية بشكل أساسي، باعتباره أكثر أشكال الاحتياطيات الدولية أمنًا.
وهو آمن بمعنى أن الولايات المتحدة، على عكس الدول الأخرى، يمكنها ببساطة طباعة الدولارات. لا يمكن لها أن تفلس وتصبح غير قادرة على سداد ديونها، لأنه على عكس الدول الأخرى التي لديها ديون بعملات أجنبية، ديون الولايات المتحدة بعملتها الخاصة، ويمكنها ببساطة الاستمرار في طباعتها.
بن نورتون: تحدثنا عن طلب البنوك المركزية على الذهب. لكنني أعتقد أن هناك عاملًا آخر مهمًا هنا وهو التضخم، لأن الذهب يُنظر إليه تقليديًا على أنه وسيلة للتحوط من التضخم. عادة ما يرتفع سعر الذهب مع ارتفاع التضخم، لكن في تشرين الأول 2023، وصل سعر الذهب إلى أدنى مستوى له عند حوالي 1850 دولارًا، ومنذ ذلك الحين، استمر التضخم في الانخفاض. لكن بدلًا من الانخفاض، استمر سعر الذهب في الذهب بالارتفاع. إذًا، هذه العلاقة انتهت الآن. لماذا برأيك؟
مايكل هدسون: لا أعتقد أن هناك علاقة سببية على الإطلاق. هذا هو بيت القصيد.
يحب الناس القول إن الذهب هو وسيلة للتحوط من التضخم. لكن يمكنك القول إن البيض وسيلة للتحوط من التضخم، أو أن لحم الخنزير وسيلة للتحوط من التضخم. المشكلة الحقيقية هي عجز ميزان المدفوعات الأمريكي الذي يضخ الدولارات في العالم. لقد كان الأمر سياسيًا دائمًا. والصحف لا تريد أن تتحدث عن السياسة، لأنها إذا فعلت، فسوف يدرك الناس فجأة أن النظام السياسي والاقتصادي الغربي لا يمكن أن يستمر بالشكل الذي هو عليه الآن.
سأعطيكم مثالًا. في عام 1973 أو 1974، ذهبت أنا وهيرمان كاهن إلى البيت الأبيض لعقد اجتماع مع وزارة الخزانة الأمريكية. ما قلته كان شيئًا لم يرغبوا في سماعه بالتأكيد. قلت: «الذهب هو في النهاية المعدن المسالم، لأن نفاد الذهب من الولايات المتحدة هو ما هدد بوقف إنفاقها على تكاليف الحرب في جنوب شرق آسيا، وفي جميع أنحاء العالم، وعلى 800 قاعدة عسكرية تمتلكها في جميع أنحاء العالم».
لو لم يتخلَّ نيكسون عن الذهب، لكانت أمريكا ستفقد بسرعة كبيرة كل مخزونها من الذهب، بسبب تكلفة شن الحرب على بقية العالم، والحفاظ على قوتها العسكرية الأحادية. القوة الأمريكية تكمن في القدرة على إيذاء البلدان الأخرى، وقصفها، وتمويل تغيير الأنظمة، وتهديد البلدان الأخرى. وهذا يكلف الكثير من المال.
لذا يمكن القول إن كل هذا الصراع حول الذهب وعقود الذهب الآجلة هو صراع حول السياسة العسكرية والخارجية الأمريكية. هل سنخوض حربًا مستمرة ضد بقية العالم؟ أم سنحاول إحلال السلام مع روسيا والصين وإيران، ونركز فقط على الدول التي يمكننا هزيمتها حقًا، مثل كندا وإنجلترا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية؟
بن نورتون: أريد أن أعود قليلًا للحديث عن سوق الذهب، أحد الأشياء التي كنت تؤكد عليها هو مدى اختلاف سوق الذهب عن الأسواق الأخرى، وكيف أن الاقتصاد الفعلي يعمل بشكل مختلف تمامًا عما يُدرس في الكتب المدرسية. هل يمكنك التحدث أكثر عن ذلك؟
مايكل هدسون: المفتاح المهم لفهم كيف تم تحقيق كل هذا هو أن نرى مدى تعقيد أسواق السلع المالية العالمية حيث يتم تحديد أسعار الذهب، وما هي علاقتها بتجار السلع الفعليين، الذين يلجأ إليهم الأفراد لشراء الذهب.
يمكن للبنوك المركزية شراء الذهب من بعضها البعض ومن صناديق الاستثمار وصناديق التحوط والأفراد وصانعي المجوهرات وغيرهم من تجار السبائك.
هناك انطباع عام بأن الناس، أو البنوك المركزية، أو صناديق الاستثمار المشتركة، عندما يشترون الذهب، فإنهم يقدمون عطاءات في سوق، مثل بورصة السلع. لكن هذا ليس المكان الذي يشتري فيه الناس الذهب ويبيعونه.
بورصة السلع هي في الواقع مكان للمقامرة. أنت تراهن على ما إذا كان سعر السهم أو السند أو الذهب أو أي سلعة أخرى سيرتفع أو ينخفض. لذا فإن بورصة السلع هي المكان الذي تذهب إليه للمراهنة على اتجاه الأسعار. والمتعاملون الذين يشترون ويبيعون خيارات الأسعار لا يشترون القمح أو الذهب أو الأسهم؛ إنهم يراهنون على اتجاه الأسعار. ومن المفترض أن تعكس هذه الرهانات ما يحدث في العالم الحقيقي. من المفترض أن يكون هناك أساس مادي وملموس لكل هذا.
لذا أود أن آخذ دقيقة لأشرح ذلك. وسأقتبس ما يقوله موقع شركة فانغارد لإدارة الأصول:
عندما تشتري خيار شراء، فإنك تشتري الحق في شراء ورقة مالية معينة بسعر محدد (سعر التنفيذ) في وقت معين في المستقبل. إذا ارتفع سعر هذا الأوراق المالية، يمكنك تحقيق ربح عن طريق شرائه بالسعر المتفق عليه وإعادة بيعه في السوق المفتوحة بسعر السوق الأعلى.
عندما تشتري خيار بيع، فإنك تشتري الحق في بيع ورقة مالية معينة لشخص ما بسعر تنفيذ ثابت في وقت ما في المستقبل.
لنفترض أن سعر الذهب هو 1250 دولارًا. يمكنك أن تقول: «سأبيعه لك مقابل 1200 دولار فقط». إذا انخفض السعر، يمكنك بالفعل تحقيق ربح عن طريق شرائه في السوق المفتوحة بسعر أقل، ثم ممارسة خيار البيع بسعر أعلى.
بن نورتون: التفسير البسيط هو أنك إذا اشتريت خيار شراء، فذلك لأنك تعتقد أن السعر سيرتفع؛ وإذا اشتريت خيار بيع، فذلك لأنك تعتقد أن السعر سينخفض. لذا، خيار الشراء يعني الشراء، وخيار البيع يعني البيع. كما قلت، هذه في الأساس رهانات مالية.
مايكل هدسون: السؤال هو، خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كان الجميع يقولون: «هذا الاتجاه لا يمكن أن يستمر، سعر الذهب لا بد أن يرتفع»، لماذا يأتي شخص ما عندها ويستمر في بيع الذهب بسعر أقل في المستقبل، قائلًا: «في غضون ثلاثة أشهر، سنبيع لك الذهب بسعر أقل بـ 50 دولارًا للأونصة، أو 25 دولارًا للأونصة». من كان يفعل ذلك؟
لا أعرف أي مستثمر خاص كان سيفعل ذلك. التفسير هو أن بيع الذهب الآجل تم من قبل البنوك المركزية، وبشكل رئيسي من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، نيابة عن وزارة الخزانة، أو بنك إنجلترا.
عندما تشتري خيار بيع أو شراء، عليك أن تدفع مالًا مقابل الخيارات. وعندما تبيع الحق في شراء الذهب، لنقل بنفس السعر، أو بدولار أو دولارين أقل، فإن الناس سيدفعون لك مقابل هذا الخيار لشرائه بنفس السعر في غضون ثلاثة أشهر أو ستة أشهر. وهذا مصدر للدخل.
لذلك، كانت وزارة الخزانة الأمريكية وبنك إنجلترا يكسبان المال من بيع الذهب على المكشوف. وعندما تستمر في بيع الذهب على المكشوف، بما يتجاوز الطلب بكثير، فإنك تغمر السوق، وهذا يؤدي إلى انخفاض السعر. على الرغم من أن المزيد والمزيد من الناس قد يشترون الذهب، فإن الولايات المتحدة وإنجلترا تجنيان المال من خلال الانخراط بشكل أساسي في هذا التلاعب بالسوق كمصدر للدخل. ولم يتم تنفيذ معظم الخيارات، لأن البنوك المركزية استمرت في البيع الآجل مرارًا وتكرارًا. هذا هو ما أبقى سعر الذهب منخفضًا على مدى عقود عديدة.
لكن يبدو أن هذا النزيف في الذهب، لتلبية الارتفاع الأخير في السعر الذي شهدناه، قد استنفد احتياطيات الذهب بشكل خطير. لقد اضطرت وزارة الخزانة إلى بيعها بالفعل.
تذكروا، بعد أزمة البنوك في عهد أوباما في 2008-2009، تم تطبيق سياسة التيسير الكمي، وكانت أسعار الفائدة منخفضة للغاية، مما أدى إلى ازدهار هائل في سوق الأسهم، وأكبر ازدهار في سوق السندات في التاريخ. لماذا قد يرغب الناس في شراء الذهب بعد عام 2009، عندما كانت أسعار الذهب ترتفع تدريجيًا، في حين أن أسعار الأسهم والسندات كانت ترتفع أكثر من ذلك بكثير؟
في تلك الفترة، كانت البنوك المركزية سعيدة بتأجير الذهب لتجاره. لقد جنوا أموالًا من هذا التأجير، تمامًا كما لو كنت تؤجر سيارة. كنت تعطيهم الذهب، وكان عليهم إعادته في تاريخ محدد، لكن خلال تلك الفترة، يمكنهم فعل ما يريدون به. كان التجار يبيعون الذهب الذي استأجروه للمستثمرين من القطاع الخاص، وربما للبنوك المركزية أيضًا. وكانت البنوك المركزية تواصل تأجير الذهب، طنًا بعد طن.
هذا يعني أن الولايات المتحدة كانت ترسل الذهب فعليًا من فورت نوكس [موقع مستودع السبائك التابع لوزارة الخزانة الأمريكية] إلى تجار الذهب، في الغالب في لندن، التي كانت مركزًا لهذه التجارة. لذلك، واصلت الولايات المتحدة وإنجلترا تأجير الذهب، وكسب المال بهذه الطريقة من التجار، وبيع الذهب على المكشوف، وكسب المال من شراء العمولات. وأصبح ذلك مصدرًا جيدًا للتمويل.
لكن هدفهم لم يكن مجرد كسب المال، بل كان الحفاظ على انخفاض سعر الذهب، حتى لا يعود الذهب منافسًا للدولار الأمريكي. هذا ما دفع هذا النظام برمته، وكان هذا هو الدافع وراء الولايات المتحدة. كان دافعًا سياسيًا.
إذًا، السؤال هو: كيف نعرف كمية الذهب الأمريكي التي تم إرسالها فعليًا إلى تجار أجانب؟ لا توجد إحصاءات عن ذلك. لا توجد حتى إحصاءات عن كمية الذهب الموجودة فعليًا في فورت نوكس.
تعلن الولايات المتحدة عن احتياطياتها من الذهب، لكن احتياطيات الذهب تشمل كل الذهب الذي تم تأجيره لتجار أجانب كجزء من احتياطيات الذهب، لأنه ما يزال ملكنا، لكننا لا نحتفظ به. لقد قمنا بتأجيره.
هذا النوع من السلوك، أي الاستفادة من الاحتياطيات من أجل كسب المال، يطرح مشكلة واضحة: منذ متى يقوم فورت نوكس وبنك إنجلترا وربما بنوك أخرى بتأجير ذهبهم؟ وما مدى قربهم من نفاده؟ ماذا لو لم يتبق أي ذهب في خزائنهم على الإطلاق؟
قبل سنوات، لم يتمكن عضو الكونغرس رون بول من الحصول على تدقيق للذهب في فورت نوكس. لم يُسمح له حتى بالدخول ليرى ما إذا كان هناك أي ذهب.
وحين أثار ضجة، قيل له إن هذه مسألة أمن قومي. تخيلوا، حتى عضو الكونغرس لا يستطيع معرفة كمية الذهب الموجودة فعليًا. لماذا تكون مسألة أمن قومي، إذا لم يكن هناك مشكلة؟
هل تجار الذهب في وضع مشابه لفورت نوكس، حيث لديهم مطالبات بالدفع مقابل الذهب المستأجر من الولايات المتحدة، لكنهم غير قادرين على إعادته؟ في مرحلة ما، سيرغب الناس في الحصول على الذهب فعليًا. وهذا ما يحدث الآن.
إنها موجة هروب من سوق الذهب، ليست موجة هروب من البنوك، بل موجة هروب من سوق الذهب. قد نكون على وشك كشف هذه المهزلة بأكملها، حين تأتي اللحظة التي يرغب فيها عدد كافٍ من المستثمرين في الحصول على الذهب فعليًا.