كشف مجلس المنافسة ،أن التضخم عرف خلال سنة 2022 ارتفاعا شديدا وطابعا شــبه معمــم، وصعُبــت إمكانيــة التحكــم فـــيه نسبيا، كما صاحبه تدهور القدرة الشرائية للمستهلكين، وأشار المجلس في تقريره السنوية ل2022 إلى أن مســتويات التضخــم اســتفحلت، وقد أتــت فـــي طليعتهــا المنتجــات المتضــررة مــن الاضطرابــات المســجلة فـــي أســواق الســلع العالميـة، والتــي قفــزت أســعارها عنــد الاســتيراد إلــى مســتويات قياسية واستثنائية.
وتوقف التقرير على كون الــمواد الغذائيــة ومنتجــات الطاقــة، تربعت علــى عــرش المنتجــات التــي تفاقمــت معــدلات تضخمهــا الســنوية، لاســيما الخبز والحبوب والزيــوت والخضر والمحروقات.
ويتجســد القاســم المشــترك لهذه المنتجات، حسب المجلس، فـــي تأثرها الشــديد بتصاعد أســعار الســلع العالمية وبعوامــل المنــاخ، دون إغفال وجــود عوامــل إضافـــية ذات الصلــة بإمــدادات هــذه المنتجــات وتوزيعهــا، والتــي يمكن أن تفســر اســتفحال تضخمهــا بصــرف النظــر عــن العوامل الموسمية.
واعتبر المجلس في تقريره السنوي أن الآليات المؤججة لهــذا التضخــم، اتخذت أساســا طابعــا خارجيــا، فأرخــت بظلالهــا علــى التدفقــات الاعتياديــة للــواردات مــن جهــة، وعلــى المنتجــات التــي لجأ المغــرب إلى استيرادها لتغطية كمياتها غير الكافـية بسبب الجفاف من جهة ثانية.
وحسب ذات التقرير، فقد تحول التضخم الذي تفاقم بتراجع الدرهم مقابل العملات الرئيسية الأجنبية، إلى تضخم لتكاليف الإنتاج، اضطر من خلاله الموردون والمنتجون إلى إسقاط الزيادات في أسعار الاستيراد على الأسعار المحلية.
ونبه المجلس إلى أنه إذا تواصل هذا التضخم المؤثر على تكاليف الإنتاج، فقد يفضي ذلك إلى تحريك دوامة تضخمية بمجرد أن يعقب الارتفاع المعمم للأسعار زيادة كثيفة في الأجور.
واوضح المجلس، أن الدوامة التضخمية هي حلقة مفرغة من التضخم تتفاقم بفعل تأثرها بسلسلة متلاحقة من ارتفاع الأسعار والأجور؛ حيث تدفع شدة تضرر الأجراء من التضخم للمطالبة بإعادة تقييم أجورهم، وهو ما سيحفز المقاولات على رفع الأسعار بسبب تقلص أرباحها، وقد يفضي تكرار وتعاقب حالات الزيادة في الأسعار ومقابلتها بالزيادة في الأجور إلى دوامة منهجية يتطور فيها التضخم بوتيرة متسارعة، وإضافة إلى العوامل الخارجية، لفت التقرير إلى أن التضخم المرصود خلال السنة المنصرمة يقترن كذلك بمصادر داخلية وذاتية، لكن بشكل أقل حدة مقارنة بالمصادر الخارجية.
وترتبط المصادر الداخلية، يضيف التقرير، ارتباطا وثيقا بقنوات تموين الأسواق وتوزيع السلع على المستهلك النهائي، وطمأن التقرير من أن خطر تحول المكون الداخلى إلى المصدر الرئيسي للتضخم يظل ضعيفا لكون الاقتصاد المغربي لم يسجل حالة اشتداد الفوران، ولم تحدث دوامة في الأسعار والأجور، في حين تبقى فرضية حدوث تضخم نقدي قائمة بالنظر لعدم استقرار العرض لاسيما إذا كان في مستوى أقل من الطلب.
من جهتها سجلت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل استمرار حالة الاحتقان والتوتر الاجتماعي نتيجة الاختيارات للاشعبية للحكومات المتعاقبة وتغول الفساد، وانتقدت النقابة في بيان لها، تجاهل الحكومة لمطالب الشعب المغربي وحاجياته الأساسية، من خلال غض الطرف عن استشراء الفساد المصاحب لاقتصاد الريع من خلال الاحتكار والتفاهمات حول الأسعار خاصة في قطاع المحروقات.
واستنكرت استنزاف خيرات المغاربة من طرف قلة قليلة من المضاربين ولوبيات الفساد وكبار الملاكين، كنموذج استنزاف الفرشة المائية أمام معاناة فئات عريضة من الشعب المغربي من العطش، مما يهدد الفلاح المغربي في مصدر رزقه، وينذر بتفاقم أزمات اجتماعية أخرى.
وأكدت النقابة عدم جدية الحكومة في الملف الاجتماعي وتنصلها من تنفيذ التزاماتها الاجتماعية خاصة اتفاق 30 أبريل 2022، ومحاباتها للرأسمال الريعي الاحتكاري، ودعت الحكومة للتدخل العاجل وحماية القدرة الشرائية للمغاربة من الزيادات المتوالية في أسعار المحروقات والمواد الأساسية.
وخرجت شبيبة حزب العدالة والتنمية تؤكد انه إذا استمر الضغط على القدرة الشرائية للمواطنين، وتواصل الضغط الاجتماعي على جيوب المغاربة “لا يمكن أن نتوقع ردود فعل المواطنين، وهذا هو الخطير وهو ما ينبغي أن تنتبه إليه الحكومة، لأنها تلعب بالنار في عدم مبالاتها بالأوضاع الاجتماعية للمواطنين وخاصة الزيادة في المحروقات لأنها تؤثر على باقي المنتوجات مثل الخضر والفواكه”.
واعتبرت شبيبة البيجيدي أن الحكومة عاجزة لأنها خصم وحكم ولا يمكنها أن تتخذ إجراءات تضر بها أولا وبمكوناتها لأنها منشغلة بمصالحها الشخصية وغير مهتمة بالشعب، للدفاع عنه أمام الارتفاعات المتتالية للمحروقات وهو ما يؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، لأن الحكومة “لا تنظر بمسؤولية الى الأوضاع الاجتماعية وأثارها على الاستقرار السياسي لبلادنا” و “أن الحكومة اليوم هي الخصم وهي الحكم لأن رئيسها هو فاعل أساسي في سوق المحروقات وأكبر الموزعين”، مؤكدا أن هذا التواطؤ أصبح رسميا وباديا للعيان بشهادة مجلس المنافسة في تقريره الأخير الذي أبرز تواطؤ شركات المحروقات على رفع الأسعار وأنه سيشتغل على الملف.
وسجلت أن حكومة 8 شتنبر غائبة عن قضايا المواطنين، وشغلها الشاغل هو أن تدعم الشركات الكبرى والمحتكرين والمتنفذين، على اعتبار أن من يسيرها رجل أعمال ويعتقد أن أهم ما يمكن أن تشتغل عليه الدولة هو أن تدعم الشركات بشكل ريعي غير مرتبط بتعاقدات معينة لتشغيل الشباب.