في الوقت الذي تسعى فيه السلطات الجزائرية لتسويق محطات تحلية مياه البحر كإنجاز استراتيجي غير مسبوق، يعيش المواطن الجزائري واقعًا مغايرًا تمامًا، حيث تستمر معاناة الأسر مع أزمة العطش وانقطاعات المياه المتكررة، رغم الأرقام الرسمية التي تتحدث عن توفير أكثر من 60% من مياه الشرب عبر هذه المحطات.
الإعلام الرسمي الجزائري، بقيادة مجلة الجيش الناطقة باسم النظام العسكري، احتفى في عدد مارس 2025 بهذه المشاريع، واصفًا إياها بأنها “معجزة وطنية” تجسد “الإرادة الفولاذية” للنظام، وتؤكد أن الجزائر دخلت “عصر الأمن المائي”.
لكن هذا الخطاب الدعائي يصطدم بواقع قاسٍ، حيث ما زال المواطنون في العديد من الولايات ينتظرون دورهم في جداول توزيع المياه، ويفتحون الصنابير ليجدوا الجفاف بدلاً من تدفق المياه.
ورغم أن تقنيات تحلية المياه متاحة منذ عقود وتُطبق حتى في مناطق تعاني من حصار شديد مثل غزة، إلا أن النظام الجزائري يقدمها كاختراع محلي يُضاف إلى سجله الدعائي.
والغريب أن هذه المشاريع، التي تعتبر في العديد من الدول حلاً بديهياً لأزمة المياه، تحولت في الجزائر إلى “ملحمة وطنية” يروج لها الإعلام الرسمي كأنها فتح مبين.
وفي وقت دشن فيه الرئيس عبد المجيد تبون محطات جديدة لتحلية المياه، تزامن ذلك مع استمرار معاناة السكان من انقطاعات المياه، خاصة خلال شهر رمضان، حيث وجد الصائمون أنفسهم أمام صنابير جافة ووعود رسمية لا تروي عطشهم.
وبينما تحاول مجلة الجيش تقديم هذه المشاريع كـ”حبل نجاة” للبلاد من أزمة الشح المائي، يؤكد الواقع أن الجزائريين أصبحوا يعتمدون على “البراميل” و”الصهاريج” كحلول بديلة لمواجهة ندرة المياه، وسط تساؤلات حول جدوى هذه المشاريع التي لم تغير شيئًا ملموسًا في حياتهم اليومية.
الفرق بين الخطاب والواقع يكشف عن فجوة كبيرة، فبينما يُصوّر النظام هذه المحطات على أنها رمز للتقدم والازدهار، يظل المواطن الجزائري يصارع من أجل قطرة ماء، في مشهد يعكس استمرار سياسة التجميل الإعلامي بعيدًا عن معالجة المشاكل الحقيقية.