اقبايو لحسن
يرخي الليل سدوله في مختلف أرجاء “مدينة تطوان حاملا معه معاناة إضافية لأفراد من المجتمع ليس لهم مأوى يقيهم البرد القارس في هذا الوقت من السنة ..
المشردون، هو اللقب الذي أطلقه عليهم المجتمع، والمنسيون هو حال واقعهم، تراهم في شوارع تطوان هائمين وضائعين، همهم الوحيد إيجاد مكان دافئ. او لقمة العيش تخفف عليهم قساوة البرد
اختار بعضهم أن يفترش قطعا من الورق المقوى، أو أن يلتحف قطعة من البلاستيك، وارتمى آخرون على إسمنت الشارع في العراء، فيما لم يتردد عدد آخر في اللجوء إلى القبور واتخاذها كفراش لعل وحشتها تبعث بعض الدفء في الأجساد المنهكة، فلسان حالهم يقول ” الأحياء أولى بالدفء من الأموات”.او بعض المنازل قديمة وخاوية لا يسكنها أحدا..
عقارب الساعة تدنو من منتصف الليل، أعداد من المشردين، خلدوا إلى ما يشبه النوم في الأماكن التي لجأوا إليها، فيما مجموعة آخرين لا زالوا يهيمون بشوارع وسط المدينة، التي قل فيها عدد المارة المتوجهين غالبا إلى منازلهم لمعانقة دفئها وحميميتها .. بين جنبات هذه الفضاءات يتحرك مجموعة أطفال حاملين بعض المطالب البسيطة للمارة القلائل، وحكايات كانت أصل المعاناة التي يعيشونها حاليا.
وبلغ عدد الأشخاص المتواجدين في وضعية الشارع، نحو 3830 بينهم 241 طفلا، إلى حدود سنة 2018، حسب أحدث البيانات الرسمية الحكومية.
“أبيت في الشارع، وأعاني من البرد”، يقول أحد متشردين التقت به وصرح لموقع اشطاري24* طنجة 24* الإلكترونية، في جولة ميدانية على مستوى مدينة القديمة
ويضيف هذا الشاب الذي بدت عيناه زائغتان وهو يرتدي أسمالا بالية لا يبدو أنها منحته ولو نذر قليل من الدفء في هذه الليلة التي بلغ انخفاض حرارتها ما يقارب 5 درجات “ليس لي ما أعمله، انا محتاج إلى أي حل يصدر ممن يمكن أن يعطف علينا”.ولو بلقمة خبز تخفف عني قساوة البرد…
ملابسات وجوده في الشارع، كما يحكيها هذا الشاب
وحسب هذا الشاب فإن سكان المقابر إحترموا قراراته أكثر من الأحياء، حيث يقضي أغلب أوقاته بينها، وينام لياليه بها، محتميا ببعض الأشجار الكبيرة، التي إتخذها مظلة تقيه أمطار الشتاء، التي تساقطت مؤخرا.
وكما هو الحال بالنسبة للأطفال، فإن الشارع يعج بمعاناة فئات عمرية أخرى وخصوصاً حالمين الى الهجرة نحو أوروبا، لم تجد لها مأوى في السابق، لتبقى شاهدة على قصور كبير في واجب المؤسسات المدنية والعمومية اتجاه جميع المنسيين في جنبات الشارع.
أحد هؤلاء شيخ تجاوز عمره69 سنة، أوضح أن اختياره الشارع كملاذ له، فرضه الظروف الصعبة التي تعيشها ابنته الوحيدة مع زوجها وأبنائها في غرفة صغيرة يكتريانها “لا أريد أن أكون عالة عليها الشارع يمنحك كرامة أفضل”.
ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها في هذا الجو البارد، إلا أن أمله يبقى كبيرا في إيجاد منزل يقيه من برودة الطقس وسوء تعامل بعد الأشخاص، حسب ما يفصح عنه هذا الشيخ الذي بلغ من العمر عتيا.
وأضاف أن قضاءه لأزيد من خمس سنوات في الشوارع، أظهر له مدى التهميش والإقصاء التي تعيشه هذه الفئة من المجتمع، ممن وجدوا أنفسهم لظروف أو لأخرى، عرضة لبرد الشتاء وحر الصيف، دون أي معيل أو أنيس لوحدتهم.حتى مأوى المسنين يجب ان تكون لك وسيط يتوسط لك وهذا هو واقعنا دون رحمة ولا إنسانية