ما زال إصرار جلالة الملك محمد السادس على تعميم التغطية الاجتماعية ينعكس على مشاريع واضحة، فبعد إجبارية التغطية يأتي المشروع، الذي تم تقديمه أمام جلالته بالمجلس الوزاري، فمشروع قانون ــ إطار يتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، الذي تم إعداده تنفيذا للتعليمات الملكية السامية بإعادة النظر في المنظومة الصحية، لتكون في مستوى ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي أمر به جلالة الملك، هو التجسيد العملي للإرادة الملكية بتأهيل المنظومة الصحية كي تستوعب المشروع الملكي في تعميم الحماية الاجتماعية.
لن تبقى الصحة مشروعا عشوائيا عبثيا ولكن ستتحول إلى منظومة متكاملة، من خلال آليات الحكامة والضبط، والتخطيط الترابي للعرض الصحي، ولن تبقى الوزارة مهيمنة على المجال، إذ ستتفرغ للتدبير الإداري، بينما سيتم إحداث الهيئة العليا للصحة وإحداث وكالة الأدوية والمنتجات الصحية وإحداث وكالة للدم ومشتقاته، وسيتم تخفيف الهيمنة المركزية على الشأن الصحي عبر إحداث مجموعات جهوية، التي ستتولى على الخصوص، إعداد وتنفيذ البرنامج الوطني الجهوي، وتقوية آليات التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وما فتئ جلالته يركز على أهم فاعل في أي قطاع ألا وهو الموارد البشرية، التي كلما كانت تستظل بفيء الرعاية والحقوق أعطت كثيرا، بغرض تحفيز الرأسمال البشري وسد الخصاص الموجود في المنظومة الصحية، ولِمَ لا استعادة الأطر المهاجرة، التي لم تجد آذانا صاغية بالوزارة فهاجرت بحثا عن آفاق أخرى، يمكن أن تكون موجودة في المغرب لو توفر ت الإرادة بذلك وهو ما يسعى إلى تنفيذه جلالة الملك محمد السادس من خلال هذه المشاريع.
والهدف من كل ذلك تأهيل العرض الصحي، بما يستجيب لانتظارات المغاربة، في تيسير الولوج للخدمات الطبية والرفع من جودتها، والتوزيع العادل للخدمات الاستشفائية عبر التراب الوطني، وذلك من خلال إصلاح مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، وتأهيل المستشفيات، والتأسيس لإلزامية احترام مسلك العلاجات، إضافة إلى إحداث نظام لاعتماد المؤسسات الصحية.
العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة ليست هي توزيع رأسمال الدول على الأفراد ولكن توزيع الخدمات بشكل عادل، سواء من حيث المجال الجغرافي أو من حيث الفئات الاجتماعية، وهذه رغبة ملكية بل قرار ملكي لا يمكن التراجع عنه.
الرؤية الملكية للأمور واضحة، وهي مبنية على دور جلالته في ضمان التوزيع العادل للثروات، وهو مضمون تساؤله التاريخي، باعتبار جلالته أول من يشعر بما يشعر به المغاربة، حيث وقف وقفة التصدي للشدة والأزمة خلال جائحة كورونا، وشكل تدخله الشريف عملية إنقاذ للمغرب، حيث أمر بفرض الحجر الصحي والإغلاق الشامل مع تحمل الدولة تبعات ذلك باعتبار الإنسان أولا قبل الاقتصاد وهو العنوان التاريخي لمجلة الواشنطن بوست “ملك المغرب يحب شعبه أكثر من الاقتصاد”.
الأساس الذي ترتكز عليه الرؤية الملكية هو استفادة جميع المغاربة كل بقدره من الخدمات كتجسيد فعلي للتوزيع العادل للثروة.