بين تقرير للمندوبية السامية للتخطيط وخطاب لعزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس التجمع الوطني للأحرار بون شاسع. أخنوش يترأس الحكومة وأحمد الحليمي يترأس مؤسسة رسمية وضعها الدستور رهن إشارة الحكومة. لكن ما سر التناقض؟
قال عزيز أخنوش بصفته رئيسا للتجمع الوطني للأحرار في سياق حديثه عن مسؤولياته الحكومي، إن الحكومة الحالية أنجزت في سنة واحدة ما لم تنجزه الحكومات السابقة خلال عشر سنوات، وهي الحكومات، التي ظل فيها يتولى وزارة مهمة جدا هي الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وبصفته رئيسا للحزب فقد أضاف وزارات أخرى لا تقل أهمية كالاقتصاد والمالية والتجارة والصناعة.
غير أن المندوبية السامية للتخطيط قالت إن الاقتصاد المغربي لم يتمكن من إحداث مناصب شغل كافية لامتصاص العدد المتزايد للسكان في سن العمل، حيث لم يتمكن سوى من إدماج ربع العدد الحقيقي للسكان، الذين هم في سن العمل مع فقدان حوالي 24 ألف شخص لمناصبهم، وكل هذا جرى في سنة 2022، بينما سنة 2021، التي لم يكن فيها أخنوش رئيسا للحكومة تم توفير حوالي نصف مناصب عدد السكان الذين أصبحوا في سن العمل.
لسنا في وارد المقارنة بين حكومتين، ولا في وارد الدفاع عن إحداهما، وقد كنا من أشد منتقدي الحكومة السابقة، لكن نبّهنا باكرا إلى أن البديل قد يكون أسوأ، وهو ما حصل فعلا، ولكن المقارنة هي فقط بين كلام أخنوش وكلام الحليمي.
كلام الأول سياسي يهدف إلى إقناع القاعدة الحزبية أولا تم القاعدة الانتخابية بأنه فعلا كان عند وعوده التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية، والتي قلنا عنها في وقتها إنها أرقام فلكية لا يمكن تحقيقها، لكن كنا نطالب تحقيق أرقاما أقل منها بل نصفها بل ربعها، لكن لقد تم التخلي نهائيا عن كل تلك الوعود. أما خطاب الثاني أو تقرير المندوبية فهو علمي مبني على معايير إحصائية دقيقة، والمؤسسة التي أجرته غير سياسية ولا هي انتخابية ولا هي خاضعة لتقلبات الحكومات، وبالتالي غرضها هو تقديم معطيات ودراسات عل وعسى أن تستفيد منها الحكومة وباقي المؤسسات العمومي. لكن هيهات هيهات.
فالقصة إذن تتعلق بالحكومة ورئيسها الذي يقول كلاما في موقع حزبي بمعنى خطابا موجها للاستهلاك السياسي، وبمؤسسة تهدف إلى تنبيه الحكومة لما يمكن أن تقع فيها من توقعات وتقديرات خاطئة، وسبق لرئيس إحدى المؤسسات العمومية أن اشتكى من عدم تجاوب الحكومة والمنتخبين مع التقارير التي ينجزها، وبالتالي كأنه “يخوي الما فالرملة”.
عندما يقول الحليمي إن الاقتصاد الوطني لم يستطع توفير مناصب شغل في مستوى حاجيات المجتمع، فهذا لا يعني أنه يريد الطعن في الحكومة ولكن ينبهها إلى خطورة الوضع حيث ستتراكم أجيال العاطلين حتى يشكل هذا التراكم معضلة اجتماعية وسياسية كبيرة.
فمعيار النجاح، يا أخنوش، هو عدد مناصب الشغل التي وفرتها للمجتمع، أما الباقي فدعاية فارغة.