سجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن الاقتصاد غير المنظم في المغرب يتسم بتعدد مكوناته والفئات التي يشتمل عليها، لافتا إلى أن أشكال الاقتصاد غير المنظم، باستثناء الاقتصاد غير المنظم المعيشي، تشكل تهديدا حقيقيا لبلادنا، من قبيل التهريب والأنشطة الاقتصادية المستترة التي تمارسها مقاولات مهيكلة ” التصريح الناقص برقم المعاملات وبعدد الأجراء”، بالإضافة إلى الوحدات الإنتاجية غير المنظمة المنافسة للقطاع المنظم والتي تتملص عمدا من التزاماتها الاجتماعية والضريبية رغم توفرها على الموارد اللازمة لذلك.
وأكد التقرير، أن الاقتصاد غير المنظم يضيع على ميزانية الدولة موارد مهمة؛ ما يضعف قدراتها في تمويل عرض الخدمات العمومية، حيث تقدر الموارد التي تضيع على الدولة بسبب هذه الوضعية بنحو 40 مليار درهم سنة، حسب دراسة للاتحاد العام لمقاولات المغرب تم إجراؤها سنة 2014، كما ربط المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بين تنامي الاقتصاد غير المنظم الذي يصل حجمه إلى نحو 29 في المائة من الناتج الداخلي الخام وبين نشوء نوع من التغاضي عنه، توخيا لسلم اجتماعي يظل هشا رغم ذلك؛ وهو ما لا يتماشى وإعمال فعلية سيادة القانون، مؤكدا على ضرورة التعجيل بوضع التدابير الكفيلة بتفادي تحول القطاع غير المنظم إلى عامل لعدم الاستقرار على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وأورد تقرير المجلس أن انتشار الأنشطة الاقتصادية غير المنظمة قد مكن إلى حدود اليوم شرائح واسعة من الساكنة من إيجاد مصدر للعيش والهروب من البطالة، لاسيما الساكنة النشيطة ضعيفة التأهيل بما يكفي. كما أن هذا الانتشار يسمح بتوفير عرض لسلع وخدمات ذات أسعار ملائمة بشكل أكبر للقدرة الشرائية للفئات الأكثر حرمانا.
و سجل المجلس أن هذا الاقتصاد غير المنظم قد استفادت منه، بشكل أساسي، فئات قليلة على حساب الاستمرار في استغلال الضعف والهشاشة الاجتماعية لفئات عريضة من السكان. كما يساهم في الإبقاء على ازدواجية المنظومة الإنتاجية، وفي تأخير مسلسل التحول الهيكلي للاقتصاد، ويؤدي كذلك إلى إضعاف مقومات العقد الاجتماعي بين الدولة ومختلف الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين.
و وقف المجلس عند إشكالية تمثيلية الفاعلين المشتغلين في الاقتصاد غير المنظم، ووجود حواجز قانونية وتنظيمية تعيق مسلسل إدماج الاقتصاد غير المنظم، فضلا عن صعوبة الولوج إلى التمويل وإلى السوق.
و اعتبر التقرير أن الحجم المهم للتداول والأداء نقدا في المعاملات في المغرب من بين العوامل التي تساهم في تنامي أنشطة الاقتصاد غير المنظم والأنشطة غير المشروعة في اقتصادنا (تبييض الأموال، التهريب،…إلخ)؛ غير أن وضع الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي من شأنه أن يحد من هذه الظاهرة على المدى الطويل.
وأشار التقرير ، إلى أن استمرار الاقتصاد غير المنظم في مستويات عالية تصل إلى 29 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي يؤدي إلى إبطاء وتيرة التحول الهيكلي للاقتصاد، بالنظر إلى الإنتاجية الضعيفة لهذا الاقتصاد غير المنظم. كما أن الارتفاع المتواصل في عدد الوحدات الإنتاجية غير المنظمة يعكس ويكرس في الوقت ذاته هشاشة النسيج الإنتاجي الوطني، بالنظر إلى أن غالبية هذه الوحدات هي عبارة عن بنيات ذات حجم صغير جدا ورأسمال ضعيف ووضعية هشة للغاية إزاء الصدمات الاقتصادية وتقلبات الحياة.