في السنوات التي سبقت الحرب، كانت مهمة نساء اليمن تقتصر في المجتمعات الريفية باليمن، على تربية الأطفال، والاهتمام بالأمور المنزلية، أما اليوم فقد تبدل الحال، وصارت المرأة تحمل مسؤوليات كثيرة، تتنوع بين جلب المياه، ورعاية الأسرة، وغيرها من المهمات الشاقة.
ورغم أن مهنة حراثة الأرض، تعد محصورة على الرجال فقط، إلا أن غادة محمد سعيد، 32 عامًا، متزوجة ولديها خمسة أولاد، من وادي الضباب في محافظة تعز، تقوم بحراثة الأرض لتحل محل زوجها العاجز عن العمل بسبب كبر سنه، من أجل تأمين متطلبات عائلتها.
تبدأ يوم غادة في الصباح الباكر بتحضير وجبة الإفطار لأطفالها. ثم تستعد ليوم عمل شاق في الحقول. تصطحب بقرتها وتتوجه نحو الوادي، حيث تبدأ بجد واجتهاد في حراثة زراعاتها وحصاد المحاصيل. ومن ثم تضخ الماء على الحمار وتذهب إلى البئر في القرية المجاورة.
بعد ذلك تعود إلى منزلها لتحضير وجبة الغداء لأولادها، وتمضي وقتًا قصيرًا في الراحة والاسترخاء حتى العصر، قبل أن تعود إلى الوادي مرة أخرى لمواصلة العمل.
تقول غادة: “أعيش في بيئة ريفية، والحياة ليست سهلة هنا. أقوم بمهام شاقة ومرهقة كل يوم، لكنها أصبحت جزءًا من روتيني اليومي.” استلهمتها هذه الحياة الشاقة لتتبنى نفس العمل، وتواصل، قائلة: “العمل الشاق في الحقول ليس مجرد واجب، بل هو مصدر فخر لي. هذه مهنة تعلمتها من أمي، وهي أيضًا مهنة عرفتها من جدتي. أرغب في أن أكون قوية لأولادي وأن أعلمهم هذه المهنة وقيمتها، ولا يمكنني الاستسلام أو الانكسار في ظل الظروف الصعبة.”
وبسبب استمرار الحرب في اليمن، تفاقمت معاناة المرأة الريفية، خاصة اللاتي يعيشن قرب خطوط الجبهة. تقول غادة إنها هي المعيلة الوحيدة لأولادها، حيث زوجها كبير في السن ولا يمكنه العمل في الأرض بسبب الصعوبة وعدم وجود فرص عمل مناسبة بسبب الحرب.
تواصل حديثها قائلة: “خروجنا من بيوتنا لم يعد مضمونًا، ولا نعلم ما إذا كنا سنعود سالمين أم سنكون جثثًا. أثرت الحرب بشكل كبير علينا. نحن محاصرون ولا نستطيع تصدير الخضار الذي نزرعه.” تضيف غادة: “كانت الحياة قبل الحرب جيدة مقارنة بما نعيشه اليوم. كان بإمكاننا بيع المحاصيل وكانت تكفينا لتأمين احتياجاتنا. ولكن الآن، نواجه صعوبات كبيرة ولا يكفي ما نجنيه من الأرض لتغطية مصاريف حياتنا”.
تضيف غادة أنها تعيش في منطقة الضباب القريبة من خطوط التماس وأن مساعدات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة العالمية لا تصل لهم بسبب الوضع الأمني.تحدثت نساء يمنيات المرأة الريفية في اليمن والتحديات الصحية والاجتماعية التي يواجهنها يوميًا، معبرات عن الصعوبات التي تواجههن في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، مشيرات إلى انحيازات اجتماعية تجبرهن على تحمل أعباء الحياة بمفردهن.
وفي هذا السياق، تشير خولة محمد، ريفية أخرى، إلى أن النساء اليمنيات يعانين من قيود اجتماعية تمنعهن من التعلم، ما يعتبر عيبًا ظالمًا وغير مقبول. وتعرض الريفيات لمجموعة من المشاكل العملية مثل الحاجة إلى جلب الماء البعيد والتعامل مع انقطاع الغاز المستمر، مما يجبرهن على العمل الشاق والمسئوليات المنزلية بمفردهن. وتؤكد أن النساء يعانين من التهميش والإهمال بدون مراعاة لوضعهن وتحتاج إلى دعم واهتمام من السلطات والمجتمع. وتضيف بثنية أن النساء في بعض الأحيان يضطرن للولادة في المنزل نظرًا لانعدام المرافق الصحية، ويتعين عليهن السفر لمسافات طويلة، ما يؤثر على صحتهن وصحة أطفالهن.
من ناحية أخرى، تقول خولة إلى أن النساء الريفيات يقمن بدور الأم والأب في تربية أبنائهن، كما يواجهن نقصًا في الخدمات الأساسية ويضطرن لنقل الحطب وجلب الماء. وتؤكد أهمية تقديم كل الدعم اللازم للنساء لتمكينهن من أداء دورهن بشكل كامل والمساهمة في التنمية المجتمعية.
وتشير خولة إلى ضرورة توفير الرعاية الصحية المناسبة للنساء في الريف، حيث غالبًا ما تفتقر القرى الريفية للمستشفيات والمرافق الصحية الأساسية. وتشدد على أن هذا الأمر حاسم، حيث تجد النساء صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحية خلال فترات الحمل والولادة، مما يعرض حياتهن وحياة الأطفال المنتظرين للخطر.
وفي سياق آخر، تؤكد أن ضيق الفرص التعليمية للنساء في الريف، حيث يمنع بعض الآباء بناتهم من التعليم بسبب القيود الاجتماعية والاعتقادات التقليدية التي تعتبر تعلم المرأة أمرًا مخالفًا.