الدكتور احمد درداري*
أسئلة تحتمل أجوبة في قاعة المشاورات بمجلس الأمن حول نزاع الصحراء المغربية:
1 – هل سيتمكن المغرب من حسم أممي لنزاع الصحراء المغربية و إخراجه من مناطق النزاع والاعتماد عليه كدولة فاعلة في تحقيق السلام ؟
اذا تم تقييم ومراعاة مجهودات المغرب في مجال خدمة السلم والامن الدوليين، والاعتراف له بانه من اكثر الدول خدمة و دعما للسلام ومتعاون وشريك أممي موثوق به أمميا، ومن قبل الدول الكبرى أيضا، يمكن اخراجه من مناطق النزاع التي شملها التآمر في القرن العشرين، وحسم نزاع الصحراء المغربية يبقى مسؤولية أممية بعد فضح مهزلة التآمر على سيادة المغرب، هو المدخل الصحيح لتقوية مكانة المملكة المغربية في مجال خدمة السلم والامن الدوليين .
2 – هل سيتفهم مجلس الامن أهمية حسم نزاع الصحراء ومنه الوعي بتواجد كثير من التنظيمات الارهابية في المنطقة المغاربية والافريقية والمستغلة لفرص بقاء النزاعات بالامم المتحدة مدة طويلة نموذج البوليساريو؟
ان حسم النزاع بشكل نهائي سوف يغير من خريطة الامن الافريقي، و سينتقل معه المغرب الى مرحلة التعاون الأكثر فعالية في مجالات كثيرة سواء مع الامم المتحدة أو مع الشركاء الاستراتيجيين، خصوصا في القضايا الاقتصادية والتحديات الامنية المطروحة من قبيل السلم والامن والمناخ والهجرة و الماء والطاقة والتنمية …الخ. كما سوف يتم التفرغ لمواجهة الخطر الارهابي وملاحقة المجرمين الإرهابيين.
3 – هل سيأخذ مجلس الأمن مسألة تنامي الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وتعاون المغرب معه لانهاء النزاع المفتعل ، وفي المقابل القطع مع تكرار خرق البوليساريو لكل القرارات الاممية بما في ذلك التهديد بانهاء خيار الحكم الذاتي؟
توجد بين يدي الامم المتحدة ومجلس الأمن كل الأدلة و المعطيات الكافية الدالة على مغربية الصحراء والتي تحسم النزاع اضافة الى فتح عدد من الدول قنصليات لها في العيون والداخلة، وتأييد الدول الداعمة للحكم الذاتي و دعم سيادة المغرب على صحرائه، وجدية المبادرة المغربية وواقعيتها كحل سياسي ، الشيء الذي لا يبقى معه اي مبرر لخرق البوليساريو لقرار وقف اطلاق النار من جانب واحد وتحت أعين الامم المتحدة ومجلس الأمن والامين العام، حيث ان الحكم الذاتي في غياب سلطة الزام الاطراف باحترام وتنفيذ قرار مجلس الامن، يمكن ان يدفع المغرب الى انهاء اية صلة له بالبوليساريو، ويمكنه ان يكتفي بحصر الموضوع مع العناصر المغربية المقدر عددهم 1937 شخصا المنحدرين من اقاليم الصحراء المغربية، ولا يمكنه قبول من لا يحمل جنسية صحراوية مغربية ولتتحمل الجزائر مسؤولين اللاجئين حاملي جنسيات دولية تم احتسابهم من بين انفصاليي بوليساريو دون ان تكون لهم اية علاقة بالمغرب ولا بأقاليمه الجنوبية.
4 – هل يمكن القول ان قرارات مجلس الامن فاقدة لقوة الالزام للأطراف المعنية من الناحية العملية مادامت الجزائر معنية وتحيط القرارات الأممية بالتأويل والتفلسف وتتهرب كل مرة من العودة الى الموائد المستديرة؟
قرارات مجلس الامن تبقى ملزمة للدول التي تؤمن بالشرعية الدولية، و غير ملزمة بالنسبة للدول التي ترى في الامم المتحدة اداة لخدمة استراتيجيات واهداف الدول الغربية لاسيما الولايات المتحدة الأميركية، وعليه تعاكسها الانظمة الثورية التي تعتبر عدوة الليبرالية، حيث ان اغلب الأنظمة الشمولية ترفض قرارات مجلس الامن لكونها تراها متناقضة مع توجهاتها الأيديولوجية والعسكرية والثورية.
5 – هل يمكن للامم المتحدة ان تكتفي فقط باصدار قرارات التأييد لمبادرة الحكم الذاتي وتدعو الأطراف الى استئناف المشاورات، والعودة الى الموائد المستديرة، دون القيام بادوارها التدخلية من قبيل فك الحصار عن المحتجزين و مساعدة ساكنة مخيمات تندوف على تغيير الوضع المتأزم من خلال:
أ – احصاء السكان وفصل جنسياتهم.
ب – حسم مسألة انجاب و تجنيد الاطفال .
ج – مراقبة المساعدات الانسانية .
د – مراقبة التحويلات المالية الكترونيا و تعقب عملية صرفها من قبل مافيا البوليساريو والتي يتم تحويلها لشراء السلاح وتمويل العمليات الارهابية بدلا من استخدامها لأغراض انسانية .
ه – فك الارتباط بين عناصر البوليساريو و عناصر التنظيمات الارهابية بمنطقة الصحراء والساحل وفرض حضر على تحركاتها المشبوهة.
و – تمكين المغرب من الدعم الدولي الكافي لمواجهة التهديدات الارهابية.
فالأمم المتحدة يمكن لها ان تقوم بادوارها المتعددة لمحاصرة الفوضى المتعددة الاوجه والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان كتسليح الاطفال والانجاب الاسترزاقي والاتجار بالبشر والارتباط بالتنظيمات الارهابية والجريمة العابرة للحدود… حيث ان بقاء هذه الغدة السرطانية في المنطقة المغاربية سيزيد من المتاعب الامنية ومن تزايد امتداد التهديدات الارهابية على مستوى القارة الافريقية.
6 – إلى متى سيظل المغرب في وضعية دفاع عن النفس في مواجهة التهديدات الامنية بينما البوليساريو تخترق الحدود وتهاجم المغرب مشرعة لنفسها الافعال التخريبية والتهديد بشن هجومات على المغرب دون تجريم دولي واضح لأفعالها ؟
ان الوضع الانساني والاجتماعي والنفسي بالمخيمات جد متأزم ويدعو الى تحرك المجتمع الدولي لانهاء المحن التي تعرفها هذه الساكنة من قبيل الانجاب الاسترزاقي وتسليح الاطفال والاتجار بالبشر واستغلال النساء والاطفال والاغتصاب والمخدرات والارتباط بالتنظيمات الارهابية، و الظلم والقتل العشوائي لحاملي الرأي السياسي المعارض من طرف الاستخبارات الجزائرية، وايضا تحويل المساعدات الإنسانية لفائدة عصابة المرتزقة، ومنع المحتجزين من التنقل وزيارة اهلهم وحجزهم بالقوة، وحرمانهم من ابداء الرأي حول الحكم الذاتي بسبب الطوق والحصار الذي يفرضه عسكر الجزائر المحتجزين، بالإضافة الى تسليح البوليساريو بما يهدد السلم والامن في المنطقة، وقيادة بعض التنظيمات الارهابية .
7 – هل حياد روسيا يعتبر ابتعادا عن النزاع ويفسر بكون المغرب هو صاحب الحق؟
روسيا تعلم جيدا ان المغرب صاحب حق وهو دولة قوية ومستقرة ومحايدة و منفتحة وتحترم سيادة الدول، ولا ترى في التعاطي مع نظرية المآمرة اي مبرر للاضرار بمصالح الشعوب، بل تبقى المملكة المغربية مدرسة دبلوماسية دولية وتختار شركائها دون الاضرار بالدول الأخرى، ويكفي تبادل و حماية المصالح المشتركة، مما يدفعها الى البقاء في موقف الحياد الذي يحسب لصالح المغرب انطلاقا من ايمان المغرب بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
8 – هل قرارات مجلس الامن غير الحاسمة تخلق قلقا للدول الراعية للسلام لكون محاربة الارهاب غير ممكن بدون حسم حماية السلم والامن الدوليين في المحيط المغاربي؟
بالنظر الى اهمية السلم والامن الدوليين في زمن تنامت فيه التهديدات الامنية، يبدو ان دور المغرب في مجال مكافحة الارهاب والتطرف والجريمة العابرة للحدود، تحتاج الى جمع كلمة المجتمع الدولي وتوسيع دائرة الاهتمام بالامن والاستقرار الدولي وتقوية دور المغرب ودعمه بكل الوسائل لمحاصرة الخوف الذي يهدد الشعوب، والتهديدات التي تعرفها القارة الافريقية ومنها المنطقة المغاربية وأوروبا .
9 – هل من مصلحة نظام العسكر الجزائري استمرار التوتر في المنطقة و ماذا سيجني من دعمه للبوليساريو بعد عقود من الرهان على الوهم ؟ و ماذا اذا انقلب الوضع الامني على الجزائر وتمت المواجهة بين البوليساريو و النظام العسكري الجزائري الذي لم يحقق أي شيء يذكر من الوعود التي قدمها ؟
الوضع الحالي لا يخدم مصالح نظام العسكر الجزائري ولا الشعب الجزائري، و اذا قورن الربح بالخسارة لسارع نظام العسكر الجزئري الى انهاء التعاطي مع الوهم و التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب الذي لا يزيد الجزائر الا خسارة الملايير من مال الشعب الجزائري وانفاقها على عناصر انفصالية وارهابية سببت متاعب مالية وسياسية وتنموية للشعب الجزائري، ولو ادرك بشيء من التعقل الأولويات التي تهم الشعب الجزائري، لفتح صفحة جديدة مع المغرب خصوصا وان عهد جلالة الملك محمد السادس هو فرصة ذهبية لاحياء اتحاد المغرب العربي وتنمية شعوب المنطقة واحلال السلم والامن الدوليين عربيا و افريقيا .
10 – هل فرنسا لها مصلحة في استمرار الوضع غير الآمن في المنطقة المغاربية؟ وماهي قيمة الارباح الاقتصادية التي تجنيها فرنسا على حساب تأزيم حياة الشعوب المغاربية وخنق الشعب الجزائري بما لا يسمح له بمطالبة حقوقه؟
عقيدة فرنسا الامبريالية تقف في وجه استقلال الدول وتعيق اصلاح انظمة الحكم وتتحكم ولا تسمح بالتنمية، وكل الدول التي ماتزال تابعة لها بشكل من الاشكال ما تزال مختلفة، بالاضافة الى ان فرنسا عدوة الشعوب و تريد ابقاء افريقيا ضيعة و مرعى لها ومصدر ثرواتها، ومناطق النزاع بالنسبة لها أساسية لمحاصرة التطور والتقدم، فهي صانعة الانقلابات والابادة الجماعية والفوضى تسعفها على البقاء متخفية وراء الاوضاع المتأزمة حيث النزاعات الحدودية ما تزال ارثا استعماريا والغاية هي ضمان الاقتتال اذا ظهرت مشاريع وحدوية كاتحاد المغرب العربي او الاتحاد الافريقي او غيرهما.
*استاذ التعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان
رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات بمرتيل