رغم أن حكومة عزيز أخنوش لم يمض عليها وقت طويل إلا أنها تعتبر أول حكومة في تاريخ المغرب تراكم عددا كبيرا من المشاكل، حتى أنه أصبح حولها الإجماع في الاحتجاج، ويُحسب لها أنها أعادت للحركات الاحتجاجية الوهج الجماهيري، ولم يبق يؤيدها سوى “الطبّالة” كما يقال، بينما توحد في معارضتها جميع فئات المجتمع ومن مختلف المهن. و”ما اجتمع هذا الشعب على ضلالة”، ولكن “سكين الأسعار” وصلت إلى العظم فشعر بها الجميع.
تنشر بعض وسائل الإعلام العمومية أرقاما وأسعارا تخص المواد الغذائية، لكن لما تذهب للسوق تستحيي أن تقول لهم إنها تعارض أرقام أخنوش حتى لا يجيبك أحد “تفضل اشتريها من عندهم”، أما السوق فهو خاضع لقوانين كثيرة منها العرض والطلب والجشع والاحتكار، في غياب مراقبة قوية وردع قوي بل في ظل تحكم “تجمع المصالح الكبرى”، الذي يقود الحكومة فيه.
غير أن الواقع على الأرض لا يبشر بالخير وهو مخالف تماما لما يعيشه الناس. أول أمس الأحد خرج الناس للشارع احتجاجا على غلاء الأسعار. خرجت 36 مدينة في مجموع التراب المغربي، ومنها مدن صغيرة وهامشية، وهذا هو ناقوس الخطر، فإذا كانت المدن الكبرى تخرج للشارع لأن تكلفة الحياة باهظة فإن خروج المدن الصغرى يعني أن الوضع صعب للغاية لأن تكاليف الحياة في المدن الصغرى ليست بحجم المدن الكبرى.
وبالإضافة إلى خروج هذه المدن للاحتجاجات يضرب أرباب النقل لمدة ثلاثة أيام بالنظر إلى ارتفاع أسعار المحروقات، التي أحرقت الحرث والنسل، ولم تترك قطاعا لم تمسسه، وبعد أن تسبب لأصحاب النقل في ارتفاع التكلفة أثرت على أسعار العشرات من المواد الاستهلاكية.
وخرج أيضا المتعاقدون في التعليم أو أطر الأكاديميات وسميهم ما شئت. عشرات المدارس مغلقة اليوم، وطبعا لا نعفي هؤلاء من المسؤولية، لكن دور الحكومة أن تبحث عن حلول ناجعة، بل ينبغي تحميل أخنوش ومعه قادة التجمع وعلى رأسهم الطالبي العلمي المسؤولية الكاملة لأنهم وعدوا بترسيم الجميع وزيادة 2500 درهم في رواتبهم، ولما وصلوا إلى الحكومة وقفوا على الحقيقة ووجدوا أنفسهم “يطبلون في طبل مثقوب”.
وقبل كل هذه الاحتجاجات ظهرت احتجاجات قطاعية، لكثير من المهن والحرف التي تأثرت بالإغلاق وجائحة كورونا، لكن الحكومة ما أدخلتها في حسابها، مع العلم أنها هي من تدبر الشأن العام وعليها رعاية كافة المواطنين، لكن تبين أن كثيرا من المواطنين تخلت عنهم، ومغاربة أوكرانيا لولا التدخل الملكي والعناية المباشرة ما كانوا ليعودوا إلى أرض الوطن.
قد تكون الاحتجاجات اليوم صغيرة، لكنها قد تكبر بعدما امتدت إلى الإلترات، حيث أصبح مشجعو فرق كرة القدم أيضا يقومون بالاحتجاج ورفع الشعارات. هذه الاحتجاجات قد تكبر مثل كرة الثلج إذا لم يتم إيجاد الحلول ويبدو أن الحكومة غير معنية بذلك وكأنها ضد البلد.