كل ورش يطلقه جلالة الملك يأتي لاستكمال الأوراش السابقة أو استبدالها، والورش الجديد، المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة، هو لحظة زمنية فارقة تمتد من أجل معالجة الإشكالات، حيث وضع جلالة الملك محمد السادس نصب عينه القيام بثورة اجتماعية متكاملة، قد تتأخر بعض مفاصيلها لكنها تخضع للإنجاز في الوقت المناسب، واليوم يضع جلالة الملك الخطوة الأولى لمشروع ضخم وورش كبير يتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، التي ستشمل أكثر من 20 مليون شخص غير مسجلين في صناديق التأمين.
الدولة مؤسسات لكن الاهتمام بالإنسان قضية ملكية راهن عليها جلالة الملك منذ توليه العرش قصد إحداث التقدم في البلاد، إذ دون تقدم الإنسان لن تشهد البلاد أي نوع من التقدم، ولهذا كان الاهتمام بالموارد البشرية هو واسطة العقد في كل الأوراش الملكية بدءا من تقريب السلطة من المواطن، ومصالحة الإدارة مع المرتفق ووضع آليات مكافحة الفساد، واستبدال المشاريع التي لا تؤدي إلى النتاج المتوخاة منها، مثلما هو الشأن بالنسبة لراميد، بعد أن عجز هذا النظام عن تحقيق الأهداف التي من أجلها تم وضعه.
اليوم يأتي ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي سيتم تركيزه بالتدريج من خلال التأمين الصحي الإجباري لكافة العاملين في قطاعات عديدة مثل الفلاحة والصناعة التقليدية وبعض القطاعات الخدماتية، تم سيتم توسيعه ليشمل فئات أخرى، كما سيتم توسيع دائرة الخدمات من التأمين الصحي إلى التكفل الأسري والتقاعد.
نعم هو ورش طويل الأمد، ولن تظهر نتائجه بسرعة، ولكن سيأتي زمن لن يكون فيه مغربي واحد غير مسجل في الصناديق التضامنية، التي تحقق للإنسان مستوى من العيش الكريم، وتضمن له الحق في الحياة. هذا المشروع المجتمعي، الذي يحظى بمتابعة واهتمام خاصين من طرف جلالة الملك، يشكل ثورة اجتماعية حقيقية، لما سيكون له من آثار مباشرة وملموسة في تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامة جميع المغاربة، وتحصين الفئات الهشة، لاسيما في سياق ما أصبح يعرفه العالم من تقلبات اقتصادية ومخاطر صحية.
ويشكل تنزيل هذا المشروع المجتمعي الهام نقطة بداية لتحقيق تطلعات صاحب الجلالة فيما يخص الاستجابة لتحدي تعميم الحماية الاجتماعية على كافة فئات المجتمع المغربي، كما يمثل رافعة لإدماج القطاع غير المهيكل في نسيج الاقتصاد الوطني، بما يوفر الحماية للطبقة العاملة ويصون حقوقها، ومنعطفا حاسما في مسار تحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والمجالية تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك.
لقد كشفت الجائحة والظروف التي أحاطت بها، وما رافقها من تدابير إجرائية قصد الوقاية من تداعياتها، عن ضعف الأنظمة السابقة في التأمين الصحي والاجتماعي، وتبين أن المغرب لا بد أن يخطو خطوات جبارة في مجال تعميم الحماية الاجتماعية، التي ظلت في عمق الاستراتيجية الملكية وهي جواب عن التحديات الكبرى التي خلفتها تداعيات الفيروس.
من يريد أن ينتقد المغرب حقوقيا ما عليه سوى النظر بعين منصفة للمشاريع المتعلقة بتأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي هي أساس الحقوق السياسية والمدنية، والمغرب مهتم بالحقوق الحقيقية بينما “حقوق الترف” فهي مجرد لعبة في الأجندات الماكرة.