قدم المهدي بنسعيد وزير الشباب و الثقافة و التواصل، بمجلس النواب مذكرة تقديمية تخص الميزانية الفرعية للوزارة بقطاعاتها الثلاثة، و حصيلة عملها خلال 2021 وبرنامج العمل.
وتحدث الوزير، حول المراجع التي اعتمدها في تنزيل برنامج القطاعات الثلاث، قائلا وهنا يجب أن نؤكد على وضعنا كأساس أولي الخطب الملكية السامية الخاصة بقطاعاتنا كخارطة طريق، وثانيا على التقارير التي أنجزتها عدد من المؤسسات الوطنية مثل تقرير الخمسينية، تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة، تقرير المجلس الاقتصادي، الاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وبطبيعة الحال مخرجات النموذج التنموي الجديد، كما قمنا بالاعتماد على الخطوط العريضة التي جاء بها البرنامج الحكومي خلال التصريح الذي حصل على ثقتكم كنواب للأمة.
وأضاف الوزير، من هذا المنطلق وجب التأكيد على ترابط وتكامل القطاعات الثلاث وهو ما جعل الهندسة الحكومية تضعها جنبا إلى جنب، فالشباب المغربي اليوم إضافة لحاجته في الشغل والاستقرار المادي فهو يحتاج للثقافة والفن ليس فقط كوسائل ترفيه بل كذلك للتعلم والتكوين وفتح آفاق جديدة له، والثقافة والفن تحتاج اليوم للتواصل من أجل إعطاءها إشعاعا وطنيا ودوليا حتى تصبح هذه القطاعات من أهم عناصر قوتنا الناعمة.
وتابع إيمانا منا بأهمية الجانب الاجتماعي خاصة في فترة ما بعد الكوڤيد وبأن الثقافة والشباب والتواصل تُعتبر من أنجع الوسائل لمحاربة عدد من الآفات المجتمعية كالتطرف والإرهاب والبطالة والعنف بل يمكنها أن تحول هذه الظواهر السلبية لأخرى إيجابية مثل نشر الفكر التنويري المُنفتح وتخليق المجتمع واكتشاف المواهب منذ الصغر، فالأمن والسلام لا يمكن تحقيقه فقط بتفكيك الخلايا الإرهابية وسياسة محاربة الجريمة بل يمكن تحقيقه كذلك إذا اهتممنا بشبابنا وشجعناهم على القراءة والسينما والمسرح وفتحنا لهم دور الشباب والثقافة ليعبروا عن نفسهم وعن إمكانياتهم ويختلطوا ببعضهم البعض رغم اختلاف طبقاتهم الاجتماعية .. فالثقافة والفن يمكن أن يلعبا دور المدرسة كذلك نظرا للقيم النبيلة التي يحملونها ويعلمونها للشباب.
وقال بنسعيد، وغير بعيد عن التحدي المجتمعي فإن قطاعنا سينخرط بقوة في البرنامج الحكومي الهادف لخلق مليون منصب شغل بحيث أننا سنركز في سياستنا على تقوية الجانب السوسيو-اقتصادي، بتنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية، وذلك لتفهمنا للظرفية الصعبة التي يمر بها الشباب المغربي خاصة بعد الكوفيد 19. وسنعمل على فتح أبواب دور الشباب وإعطائها دورا آخر، غير الدور الترفيهي الذي تلعبه اليوم، يخص تتبع المشاريع الاستثمارية لهذه الفئة ومواكبتها فيما يخص خلق الشركات الصغرى والمتوسطة.
مضيفا، كما أننا سنعمل على تشجيع الصناعات الثقافية والفنية سواء تعلق ذلك بالكتاب، الفيلم، السينما، المسرح أو التراث وذلك بالعمل على جلب المستثمرين لها حتى تُصبِح مساهمة في النمو الاقتصادي ومالية الدولة .. ولهذا سنعمل على إقناع المستثمرين بأن الربح ليس ضروريا أن يكون مرهونا فقط بكل ما هو عقاري أو بنية تحتية ولكن يمكن أن يكون حتى في المجالات التي يلعب فيها الإنسان دورا محوريا ومركزيا وإبداعيا وهو ما يمثل أساس قطاعي الثقافة والتواصل وبطبيعة الحال الشباب.
واعتبر بنسعيد ، وفي نفس الإطار السوسيو-اقتصادي ونظرا لإيماننا بأهمية الدولة الاجتماعية قولا وفعلا كذلك، فإننا سنعمل على إحداث بطاقة الشباب بإشراك القطاع الخاص والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية من أجل إنجاح تنزيل هذا الورش الكبير وتمكين الشباب المغربي من الاستفادة من أكبر عدد ممكن من المزايا والخدمات.
وقال الوزير، أما فيما يخص الجانب اللامادي، والذي نؤمن بأن الاستثمار فيه قد يخلق ثروات كبيرة، فإن الوزارة ستعمل على الدفاع عن التراث المغربي وتحصينه والاعتراف به وطنيا قبل دوليا، وسيتم العمل على ربط هذا الجانب اللامادي بالجانب المادي عبر إعادة تأهيل الأماكن التاريخية والترويج لها من أجل جعلها جذابة للسياحة الداخلية وجعلها مرآة لتاريخ الدولة المغربية العريقة وذلك بتنسيق مع وزارة السياحة.
مضيفا ، ولا يمكن أن ننسى الجانب التربوي الذي يدخل ضمن اختصاصات قطاعنا، في هذا الإطار سنحاول الاستفادة من تقارب قطاعي الشباب والثقافة من أجل جعل الفضاءات المخصصة للشباب مكانا ثقافيا وفنيا بامتياز عبر تجهيزها كاملة وخلق فضاءات أخرى بمختلف الجهات وتشجيع الفضاءات الخاصة والاستفادة من تجاربها الناجحة في خلق آفاق جديدة للشباب ومتنفس لهم يحميهم على الأقل من مخاطر الشارع.
وأكد الوزير أنه ومن أجل تشجيع السينما والقراءة والمسرح، لإيماننا بدورهم الرئيسي في التربية والتخليق، فإننا سنحرص جاهدين على جعل دور الشباب والثقافة تضم مكتبة ومكان عرض سينمائي جهويا وإقليميا مما سيمكن حتى المنتجين من الاستفادة من أماكن عروض أكبر بكثير من تلك المتوفرة الآن وهو ما يعني فتح إمكانيات جديدة للدخل بالنسبة للمنتجين السينمائيين والمسرحيين والكتاب، أما في جانب حماية الطفولة فإننا سنسعى لتحسين مؤسسة حماية الطفولة وجعلها قادرة على إعادة إدماج الأطفال عبر البوابة الثقافية والفنية، وجعل هذه المؤسسات فضاءات ثقافية بامتياز كما سنجعل من أولوياتنا محاربة ظاهرة أطفال الشوارع، بتنسيق مع القطاعات المعنية، لإيماننا بأنه لا يمكن لنا أن نسمح للأجيال القادمة بأن تكون اليوم عرضة لمخاطر الشارع وما يحمله ذلك من خواطر جسدية ونفسية عليها وهذا أمر لا يمكن لأي مواطن سواء كان مسؤولا أم لا .. سواء لديه أطفال أم لا، أن يقبل به، إنه الضمير الإنساني الذي يجب أن يحركنا فيه، أما فيما يخص التواصل، فإن الوزارة ستعمل على دعم الصحافة وبحث سبل تطويرها مع التطور التكنولوجي الذي يعرفه المجتمع، وستكون يدي ممدودة لها من أجل أن نجد الحلول القادرة على إخراجها من الأزمة التي كبرت مع الكوفيد 19.
وشدد بنسعيد أنه وفي نفس القطاع سنعمل جنبا إلى جنب مع الصحافيين الأجانب المعتمدين بالمغرب والصحافيين الدوليين من أجل ترويج صورة بلادنا خارجيا والدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى عبر اعتماد سياسة تواصلية لا تكتفي بتعبئة وسائل الإعلام الوطنية بل تنفتح على تلك الخارجية، ولا تكتفي بوسائل التواصل التقليدية بل تعتمد أحدث الوسائل الجديدة التي ستمكننا من إيصال قضيتنا العادلة لمواطني الدول الاخرى بكل سهولة.