وجّه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، دعوة صريحة إلى وزراء العدل العرب من أجل ضخّ نفس جديد في مسار العدالة العربية المشتركة، مؤكداً أن الوقت قد حان للانتقال من التنسيق الرمزي إلى الفعل المؤسسي الملزم.
كلمة وهبي، التي ألقاها صباح اليوم الأربعاء بالرباط، خلال افتتاح الاجتماع الرابع والسبعين للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب، لم تكن مجرد بروتوكول تقليدي، بل حملت في طياتها رسالة واضحة: العدالة العربية تحتاج إلى منظومة أكثر نجاعة وقرارات ذات طابع إلزامي، لا توصيات تنتهي بمجرد رفع الجلسات.
الوزير المغربي شدّد على ضرورة إحداث آلية مؤسساتية دائمة لتتبع تنفيذ قرارات المجلس، مبرزاً أن انتظام الاجتماعات التقييمية ليس ترفاً إدارياً، بل ركيزة أساسية لقياس التقدم وتجاوز نقاط الضعف.
ولم يكتف وهبي بالتشخيص، بل دعا أيضاً إلى الاستلهام من التجارب الإقليمية الناجحة، خصوصاً في أوروبا وآسيا، من أجل بناء نموذج عدالة عربية قادر على التفاعل مع تحولات الزمن الرقمي، والتحديات العابرة للحدود، وصون حقوق الشعوب العربية في إطار مؤسساتي حديث وفعال.
ومن بين أبرز مقترحاته، تشكيل خلية تفكير داخل المجلس تكون مهمتها بلورة رؤية تطويرية حقيقية لآليات العمل، مع تقديم تصورات عملية قابلة للتنفيذ على المدى القريب والمتوسط، بعيداً عن الخطابات النمطية.
من جهته، قدّم محمد الأمين ولد أكيك، الأمين العام المساعد لمجلس وزراء العدل العرب، لمحة عن جدول أعمال الاجتماع، والذي وصفه بـ”الزاخر بالملفات ذات الطابع الاستراتيجي”، مشيراً إلى مشاريع قوانين واتفاقيات تلامس قضايا آنية، من قبيل مكافحة الإرهاب وتمويله، ومواجهة آفة المخدرات، والتصدي لخطابات الكراهية، إلى جانب دعم حقوق النازحين في البلدان العربية.
الاجتماع الذي ينعقد وسط ظرفية إقليمية معقّدة، توج بانتخاب وزير العدل السعودي، وليد بن محمد الصمعاني، رئيساً للمكتب التنفيذي للمجلس لمدة سنتين، خلفاً للرئاسة السابقة، في خطوة يُرتقب أن تواكبها دينامية متجددة داخل المجلس.
وشهد اللقاء أيضاً نقاشاً حول آليات مكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال والجرائم السيبرانية، مع التأكيد على ضرورة تنسيق الجهود بين الدول العربية وتعزيز الشراكة مع المجتمع الدولي.
ويبدو أن هذا الاجتماع قد شكل أكثر من مجرد محطة دورية، بل مناسبة لإعادة طرح سؤال كبير على طاولة العدالة العربية: هل آن أوان الانتقال من التنظير إلى التفعيل؟