كشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، عن أرقام مقلقة تخص الواقع السام في المغرب، مؤكدا أن المملكة تسجل سنويًا حوالي 25 ألف حالة لدغة عقرب و250 حالة لدغة ثعبان، ما يُشكل تهديدًا صحيًا حقيقيًا، خاصة في المناطق البعيدة والمعزولة.
وأشار التهراوي إلى أن خطورة هذه الظاهرة لا تنبع فقط من عدد الحالات، بل أيضًا من العوامل المساعدة على تفاقم الوضع، مثل البعد الجغرافي، ضعف الوعي الوقائي، ومحدودية الولوج إلى العلاج السريع والفعال.
وأكد الوزير في كلمته أن الحكومة حددت بوضوح التحديات التي تعترض طريق التصدي لهذا النوع من التسممات، مشيرا إلى تأثيرات التغير المناخي، والهشاشة البنيوية في بعض المناطق، إضافة إلى غياب المعلومات الوقائية الكافية لدى فئات واسعة من السكان.
وأوضح التهراوي أن خطة وزارة الصحة تستند إلى “نموذج مغربي” للصحة العامة، يُركز على الإنسان أولًا، ويقوم على التضامن والعدالة المجالية، ويوجه تدخّلاته بناءً على المعرفة العلمية، مبرزًا أن التصدي لهذه الظاهرة لا يمكن أن يتم إلا من خلال مقاربة تشاركية تضم القطاعات الصحية والتعليمية والإعلامية والمجتمع المدني.
وفي هذا الصدد، ذكّر الوزير بأن المغرب اعتمد منذ أكثر من عقدين استراتيجية وطنية متكاملة لمكافحة التسممات، تقوم على أربع دعامات أساسية: الوقاية، الرعاية الطبية، المراقبة الوبائية، والتوعية المجتمعية، مما سمح بإحراز نتائج لافتة على مستوى خفض الوفيات.
وأبرز الوزير بعض المؤشرات الإيجابية المحققة، حيث انخفض معدل الوفاة الناتجة عن لدغات العقارب من 2.37% إلى 0.14%، فيما تراجع معدل وفيات لدغات الثعابين من 7.2% إلى 1.9%، وهي أرقام تؤكد حسب قوله نجاعة التدخلات وفعالية التنسيق بين مختلف المتدخلين.
لكن، رغم هذا التقدم، شدد التهراوي على أن التحدي لا يزال قائمًا، مضيفًا: “هذه النتائج، وإن كانت مشجعة، تفرض علينا مواصلة العمل بنفس الجدية. نطمح إلى القضاء الكامل على الوفيات، وهو هدف نبيل وإن بدا صعبًا، إلا أنه يجسد التزام الدولة بحماية كل حياة بشرية دون تمييز.”
وختم الوزير بالتأكيد على أن إنقاذ الأرواح من هذا الخطر الصامت مسؤولية جماعية تتطلب تعبئة وطنية دائمة وشاملة، تضع صحة المواطن في قلب كل السياسات العمومية.