هاجمت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، البرنامج الحكومي الجديد “أوراش” منبهة الى ” أن البطالة أصبحت معطى بنيوي في المغرب مع تخلي الدولة عن دورها في التشغيل، وأشارت خلال مناقشة برنامج “أوراش” في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أن البرنامج يعالج مشكل البطالة بشكل ظرفي ولم يأتي بحلول بنيوية لها، وأدخل مجموعة من الأطراف الجديدة في سياسات التشغيل كالمقاولات والجمعيات، والمجالس المحلية والإقليمية، وأوضحت أن مشكلة البطالة يجب أن تأخذ على محمل الجد فهي تعتبر سببا رئيسيا للقلق الاجتماعي الذي ينمي مشاعر الإحباط والاستياء داخل الشباب ومن أكبر تجلياته ظاهرة الهجرة غير النظامية.
وشددت على أن البطالة بالمغرب أصبحت بنيوية مع تخلي الدولة عن دورها الأساسي كمشغل إلى جانب القطاع الخاص، وضعف النسيج الاقتصادي، ولفتت إلى أنه كان من المفروض على الحكومة عرض برنامج “أوراش” على أطراف الحوار الثلاثي المعنية بشكل أساسي بمشكلة التشغيل في البلاد.
وأكدت أن برنامج “أوراش” يكرس الهشاشة الشغلية، فما مصير 200 ألف مستفيد بعد ستة أشهر من العمل؟ و 50 ألف مستفيد بعد 24 شهرا من العمل في ظل الدعم الحكومي المخصص لهذا المشروع، والذي وصل إلى أكثر من 2 مليار درهم، وتساءلت الكونفدرالية كيف ستحترم بنود البرنامج من قبل المقاولات خاصة في ظل النقص الحاد لمفتشي الشغل.
و أطلقت حكومة عزيز أخنوش، برنامجا جديدا لمحاربة البطالة، في نوع من “التحايل” على البرنامج الحكومي الذي وعد بخلق 50 ألف فرصة شغل، وإطلاق دينامية التشغيل في مختلف الجهات، قبل أن تعلن عن مشروع “أوراش” في خطوة للسطو على برامج الانعاش الوطني، التي كانت تتكلف بخلق فرص شغل مؤقتة بالمدن و الجهات، و جاءت “اوراش” للقفز على برامج كبرى من قبيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و مبادرات “إنطلاقة” التي تخلق العمل و الثروة، والتي كشفت عن إصرار الحكومة على تجاوز البرامج التشغيلية الناجحة و الذهاب الى مبادرات تسلجها باسمها.
ووقع رئيس الحكومة على منشور رئيس الحكومة المتعلق بإطلاق برنامج ”أوراش”، الرامي لإحداث 250 ألف فرصة شغل مباشر في أوراش مؤقتة خلال سنتي 2022 و2023 ، مبرزا أنه تم توجيه المنشور إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين والمندوب العام من أجل العمل على تفعيل مضامينه.
وأوضح البلاغ أن هذا البرنامج الذي أطلق عليه اسم ”أوراش” يضم شقين، يتعلق الشق الأكبر منه بالأوراش العامة المؤقتة، التي سيتم تفعيلها بشكل تدريجي خلال سنة 2022 مع تحديد نهاية السنة لتحقيق الأهداف المسطرة، فيما يتعلق الشق الثاني بأوراش دعم الإدماج المستدام على الصعيد الوطني، وسيستفيد من البرنامج طيلة مدة تنفيذه خلال سنتي 2022 و2023 ما يقرب من 250 ألف شخص في إطار عقود “أوراش” تبرمها جمعيات المجتمع المدني، والتعاونيات، والمقاولات، عبر ترشيحات وعقود عمل، خاصة الأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب جائحة كوفيد- 19، والأشخاص الذين يجدون صعوبة في الولوج لفرص الشغل؛ وذلك دون اشتراط مؤهلات. ويندرج برنامج ”أوراش” ، الذي رصدت الحكومة غلافا ماليا لتنزيله يقدر بـ 2,25 مليار درهم برسم سنة 2022 ، في إطار تنزيل البرنامج الحكومي 2021 – 2026، فيما يهم مواكبة الأشخاص الذين فقدوا عملهم ويجدون صعوبة في الولوج لفرص الشغل، وذلك عبر شراكة تشمل القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والسلطات المحلية والجماعات الترابية، وكذا جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات المحلية، بالإضافة إلى مقاولات القطاع الخاص، ويتكون برنامج “أوراش” من شقين، الشق الأول يتعلق بأوراش عامة مؤقتة لحوالي 6 أشهر في المتوسط، فيما يتعلق الشق الثاني بأوراش لدعم الإدماج المستدام.
وتهدف الأوراش العامة المؤقتة، الموجهة إلى حوالي 80 في المائة من العدد الإجمالي للمستفيدين من البرنامج، إلى الاستجابة لحاجيات المواطنين من بنيات تحتية. كما تتوخى إنجاز أشغال وأنشطة ذات طابع مؤقت تندرج في إطار المنفعة العامة والتنمية المستدامة من قبيل إنجاز مسالك طرقية وترميم المآثر والمنشآت العمومية والتشجير وإعداد المساحات الخضراء ومحاربة التصحر وزحف الرمال ورقمنة الأرشيف والتنشيط الثقافي والرياضي والتأطير التربوي العرضي، أما أوراش دعم الإدماج المستدام، فهي موجهة إلى حوالي 20 في المائة من المستفيدين من البرنامج، وتهدف لتحقيق عدد من الغايات منها الاستجابة إلى خدمات موجهة للأشخاص والأسر والمجتمع تعرف خصاصا على صعيد بعض المناطق، من قبيل محو الأمية والتعليم الأولي والاعتناء بالأشخاص المسنين والأنشطة الرياضية والثقافية والمطعمة المدرسية والخدمات الشبة الطبية ، وسيمكن برنامج أوراش المستفيدين من الأوراش العامة المؤقتة من الاستفادة من دخل شهري لا يقل عن الحد الأدنى للأجر خلال مدة الورش؛ والاستفادة من التغطية الاجتماعية بما فيها التعويضات العائلية وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛ والتأطير داخل الورش بهدف تطوير مهارات وكفايات؛ والحصول على وثيقة من المشغل عند نهاية الورش لتعزيز حظوظ الإدماج لاحقا في إطار أنشطة اقتصادية مماثلة، وأوضح المصدر ذاته أن الدولة ستتحمل المصاريف المتعلقة بالأجر وحصة المشغل والتأمين عن حوادث الشغل بالنسبة للتغطية الاجتماعية.
وأشار إلى أن البرنامج سيمكن المستفيدين من أوراش لدعم الإدماج المستدام من إدماج لمدة لا تقل عن 24 شهرا مع دخل لا يقل عن الحد الأدنى للأجر؛ والاستفادة من التغطية الاجتماعية بما فيها التعويضات العائلية وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛ واكتساب تجربة مهنية، مبرزا أن الدولة ستمنح للمشغلين منحة للتحفيز على التشغيل في حدود مبلغ 1500 درهما شهريا لمدة 18 شهرا لكل مستفيد، وفيما يتعلق بهيئات حكامة برنامج أوراش، تم وضع منظومة حكامة لقيادة ودعم تنزيل البرنامج، تقوم على إرساء لجنة استراتيجية ولجنة قيادة على الصعيد الوطني ولجنة جهوية ولجان إقليمية على المستوى الترابي.
من جهتها اكدت دراسة لأوكسفام المغرب، أن سوق الشغل بالمملكة غير متكافئ جذريا، ويهمش النساء والشباب، كما أنه يتصف بهشاشة قوية ارتباطا مع هيمنة القطاع غير المنظم، وأبرزت الدراسة، أن الشباب المغربي يعاني من تفشي البطالة في صفوفه، خاصة في الوسط الحضري، وهي المعدلات التي تشهد ارتفاعا في السنوات الأخيرة، في ظل عدم كفاية المناصب المحدثة للأعداد المتزايدة.
وسجلت الدراسة أن معدل البطالة وسط الشباب الذين يتراوح عمرهم ما بين 15 و24 سنة، وصل إلى 24 ٪ خلال سنة 2019، ويسير في اتجاه تصاعدي، بل إن معدل البطالة وسط هذه الفئة من الشباب بالحواضر يفوق بنحو 3 إلى 4 مرات أضعاف نظيره بين سكان المغرب ، ولا يختلف الحال وسط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 سنة، حيث تتميز هذه الفئة بمستوى بطالة أعلى من نظيره في صفوف بقية الفئات السكانية، بمعدل 15 ٪، وهو المعدل الذي يرتفع إلى 20 ٪ بالوسط الحضري.